من التوقيع.. إلى البصمة الإلكترونية

on
  • 2016-01-01 12:04:27
  • 0
  • 6369

عند كتابة عقد بيع أو شراء أو تملك فيما مضى لا يلزم أن يختتم بالتوقيع، اذ يكتفى بكتابة ذلك فقط وتكون الحجة قائمة وبينة، فلم يكن الناس يعرفون التوقيع بالقلم في مكتباتهم في البيع والشراء وحجج الاستحكام بل كان المتعارف عليه هو الكتابة فقط ومن ثم شاع استخدام (الختم) الذي يمثل التوقيع في زماننا الحاضر، حيث كان لكل كاتب ختم خاص محفور به اسمه، وحينما نقلب كتابة لعقد بيع أو شراء قديم نجد أن الكاتب يحرص كل الحرص على ذكر التاريخ وحضور الشهود ومن ثم يختم الكتاب بخاتمه الذي يحمل اسمه، ولا يزال هذا الختم معروفاً إلى يومنا هذا في المحاكم الشرعية وكتابات العدل حيث يحمل كل قاض وكاتب عدل ختما يرافق توقيعه وذلك منعاً للتزوير وزيادة في الحرص والاحتياط، وبعد فترة من الزمن وزيادة أعداد المتعلمين بدأ الناس يستعيضون عن ذلك بالتوقيع باليد باستخدام القلم خاصة بعد ظهور الوظائف الحكومية التي صارت تطلب من موظفيها إثبات الحضور والانصراف بالتوقيع في سجلات خاصة لهذا الغرض، ولكن كانت ولا تزال هناك شريحة من الناس وخاصة من كبار السن لا تحسن التوقيع لذا تلجأ إلى الاستعاضة عن ذلك بالبصمة وذلك بغمس إصبع الإبهام باليد اليمنى في الحبر ومن ثم الضغط على مكان التوقيع في الورقة حيث تظهر البصمة بوضوح وتكون بمثابة توقيع ومصادقة على ما كتب، وفي عصرنا الحاضر ورغم اختراع أجهزة مطابقة بصمة الإصبع لإثبات حضور وانصراف الموظفين وكذلك بصمة العين إلا أن التوقيع لازال إلى اليوم أمراً مألوفاً، وكذلك البصمة بالحبر للإبهام والاستعاضة به عن التوقيع لازال موجوداً إلى اليوم وهو دليل قاطع وحجة على ما يوثق به خصوصاً في إثبات الملكية أو المكاتبات من أجل البيع والشراء.

 

بصمة الإصبع

لا زال استخدام بصمة الإصبع من أقوى الإثباتات التي لا يمكن تزويرها في أي زمان ومكان فإذا استخدمت البصمة بدل التوقيع فانه لا يمكن لإنسان تزويرها إذ أن لكل إنسان بصمة إصبع لا يمكن أن تتطابق مع بصمة غيره، ولو كان أقرب قريب وهذا من الإعجاز العلمي الذي جاء به القرآن الكريم، فالبصمة تتكون للإنسان وهو طفل في رحم أمه في الشهر السادس من الحمل وتبقى حتى الموت، وإذا أزيلت هذه القطعة من اللحم إزالةً كلية نبت لحمٌ جديد عليه البصمة التي أزيلت، ولو أن عمليةً جراحيةً أجريت لرجل وأزيلت بصمته كلياً حيث أزيل هذا الجلد وأخذ جلدٌ له من مكانٍ آخر فسوف ترجع له ملامح البصمة مرة ثانية على هذا اللحم الجديد الذي أخذ من مكانٍ آخر، فالبصمة لها شكلٌ خاص مكون من أقواس ومنحنيات ومنحدرات وزوايا وتفرُّعات وخطوط وجزر وأخاديد لا يمكن أن يشابهها أي بصمة فعلى سبيل المثال عرضت بصمةٌ في بعض معاهد الطب وعرض تحتها خمسة عشر ألف بصمة فلم تتشابه ولا اثنتان ولو في سبع نقاط فقط، وهذا ما يجعل البصمة سجلا وهوية وتوقيعا، وهو توقيعٌ من صنع الله عزَّ وجل، لا تستطيع قوى البشر أن تمحوه ولا بالموت، لذا لازال العديد من كبار السن ممن لا يحسنون القراءة والكتابة لا يعترفون بالتوقيع أو الختم بل يصرون على استخدام بصمة الإبهام في التوقيع لأنها في نظرهم أقوى أنواع التوثيق.

 

توقيع معتمد

حينما تقع عينك على وثيقة ضاربة في القدم لا بد أنك ستلاحظ أن الكاتب من الكتّاب المشهورين على مستوى بلده، لذا فهو يملك ختماً خاصاً به محفور عليه اسمه ويعتبر هذا بمثابة التوقيع، حيث يختم الكتاب به إذ لم يكن الناس فيما مضى يعرفون التوقيع كما أسلفنا، ومع ازدياد التعليم وظهور الوظائف الحكومية ألجأت الحاجة الناس إلى اتخاذ التوقيع في معاملاتهم ومكاتباتهم وصار التوقيع ميسراً للجميع وسهلاً وصارت العقود للبيع والشراء تتم كتابتها من قبل صاحبها الذي يفتتح كتابته بعبارة (أقر أنا الموقع أدناه) ومن ثم يكمل الكتابة ويذيلها بتوقيعه وبذكر اسماء الشهود عند الحاجة وتواقيعهم، وبعد ظهور البنوك خصوصاً بات أمر استخدام التوقيع شيئاً أساسياً، إذ لابد من التوقيع المعتمد من صاحبه ومن لا يحسن التوقيع فان عليه أن يستبدل ذلك ببصمة الإصبع، وقد خطت البنوك هذه الخطوة منعاً للتزوير وحماية للعميل، إذ لو وقع ختم أحد العملاء بيد شخص واستخدمه لتمكن من صرف المبلغ الذي يريد وضاعت حقوقه، وكم كانت عملية صرف النقود من البنوك قديماً مرهقة في بداياتها وقبل تطبيق العمل بالكمبيوتر حيث كان يتطلب من العميل الانتظار قبل صرف الشيك لمطابقة التوقيع يدوياً وذلك بالرجوع إلى أصل الأوراق التي تم بموجبها فتح الحساب للعميل، ويكون الوقت قصيراً إذا كانت العملية في نفس الفرع الذي فُتِح فيه الحساب، أما إذا كان العميل في فرع آخر فان الوقت سيطول إذ يتم إرسال التوقيع عن طريق الفاكس إلى فرعه الذي فتح فيه الحساب ومن ثم تجرى عملية التدقيق وبعد المطابقة يرسل الفاكس مرة أخرى إلى من أرسله بعد أن يختم بأحد خاتمين الأول مطابق وعليه يتم صرف المبلغ أو الختم الآخر التوقيع غير مطابق وبالتالي رفض العملية وعدم صرف المبلغ، وبعد تقدم أعمال البنوك بات أمر التدقيق لصحة التوقيع لا يتعدى ثواني معدودة إذ يقوم الموظف بعملية المطابقة بضغطة زر على الكمبيوتر فيظهر توقيع العميل أو بصمته وتتم المطابقة بسرعة وسهولة.

 

مقلب

كان بين اثنين من الأصدقاء مقالب يتحينون الفرصة فيما بينهم للإيقاع ببعض فيها، وكان كل منهما أميا لا يقرأ ولا يكتب، وذات مرة دخل أحدهم على صاحبه والذي يعمل في البلدية بمكتب رئيسها ومعه ورقة شهادة إتمام البناء والتي تحتاج إلى توقيع من رئيس البلدية بعد أن مرَّ على المكتب المختص وتأكد من إتمام البناء والتخلص من مخلفات البناء ونظافة الشوارع المحيطة كالمتبع فرحب به صديقه وسأله عن سبب الزيارة فأخبره بأنه يريد توقيع رئيس البلدية على شهادة إتمام البناء ليقوم بتقديمها لإدارة الكهرباء من أجل تركيب العداد، فقال له صاحبه أعطني الورقة وسأقوم بالدخول إلى رئيس البلدية وتوقيعها خدمة لك ومن أجل أن أريحك من العناء وأجلسه في السكرتارية وقال له: انتظر قليلاً وسأعود اليك بالورقة موقعة، وبعد قليل عاد ومعه الورقة وقال لقد تم توقيعها فشكره صديقه وتوجه إلى إدارة الكهرباء وقدم الورقة إلى المدير فساله مستغرباً ما هذه الورقة فاجابه هذه شهادة إتمام البناء قد أحضرتها تواً من البلدية وقد وقعها الرئيس بنفسه، فرد عليه هذه الشهادة ليس بها توقيع رئيس البلدية ولا الختم الرسمي بل كلها مطموسة وبها (شخابيط) ودوائر بالقلم أخفت معالمها تماماً فعد من جديد وأحضر شهادة نظيفة وموقعة، فعلم أن صديقه الذي يعمل في مكتب رئيس البلدية قد عمل له مقلباً وعاد من جديد وأحضر شهادة ولكن بعد أن دخل هو بنفسه على رئيس البلدية وتأكد من صحة توقيعه وختمه ولم يجعل صاحبه يراها بل توعده وهو يضحك بأن ينتقم منه وان يعيد له المقلب في قابل الأيام، ومن المواقف الطريفة في هذا المجال اجابة أحد كبار السن حينما طلبت منه الشهادة على عقد بيع «نسيت توقيعي في البيت» وهو يقصد بذلك الخاتم الذي يستخدمه بدلاً من التوقيع إذ أنه لا يعرف التوقيع وقد ذهب إلى بيته وجلب الخاتم وختم به تحت اسمه في المبايعة.

توقيع معقد

بعد أن عرف الناس التوقيع وصار جزءا من معاملاتهم اليومية بدءا من الدوام إلى المعاملات في البيع والشراء صار كل شخص يعمد إلى وضع توقيع خاص به لا يمكن لأحد غيره تزويره حتى صار بعض التواقيع لوحة فنية لا يمكن تقليدها، بل إن البعض يعرف صاحب الكتابة بمجرد أن يطلع على توقيعه، وعلى النقيض فان البعض الآخر يمضي السنين وهو محتار في اختيار توقيع يميزه فترى له في كل سنة توقيعا مختلفا، ولكن في النهاية ومع مرور الوقت يختار توقيعه الخاص به.

 

نظام الكروت

كان ولا يزال التوقيع في سجلات الدوام الرسمي هو المتبع حيث يبدأ الموظف يومه بالتوقيع في سجل الحضور والانصراف مع إثبات وقت حضوره بالساعة والدقيقة ويتم احتساب دقائق وساعات التأخير بدون عذر رسمي ومن ثم يتم الخصم على من يستحق وكذلك بالنسبة إلى الخروج فكل موظف ملزم بالتوقيع في نهاية الدوام اليومي في سجل الحضور والانصراف، ومن يخرج قبل نهاية الدوام بدون عذر ولا يعود فيعاقب أيضاً بالخصم من راتبه، وقد كانت كل جهة عمل تخصص موظفا يقوم بعملية المراقبة لحضور وانصراف الموظفين وقد كان هذا الموظف يتعرض للأخطاء العفوية التي تقع منه أو يتعرض للمجاملات بينه وبين بعض الموظفين، فيقوم بمجاملة الموظف والإمضاء له وغير ذلك من الأخطاء التي كانت تقع فيها الشركات وخاصة الشركات الكبرى التي لديها فريق كبير من الموظفين وفى هذه الحالة تتعرض الشركة لخسائر كبيرة نتيجة عدم التزام الموظفين بالحضور أو المجاملات بين الموظفين في إمضاء كل موظف للموظف المتأخر، وبالتالي جاءت فكرة إنشاء ماكينة حضور وانصراف بالكارت ولاحظت بعض الشركات الخاصة والمؤسسات تسيب بعض موظفيها وعدم الدقة في تسجيل وقت الحضور إلى الدوام أو وقت الخروج فاستعانت بتقنية جديدة وهي نظام التوقيع عن طريق الكارت (كارت الساعة أو كارت الباركود الشخصي) حيث يتم صرف كرت لكل موظف ممغنط ومربوط بجهاز متوفرة به جميع المعلومات عن الموظف من حيث وظيفته ومرتبته وراتبه وغيرها من المعلومات، بحيث إذا حضر الموظف يأخذ الكرت الموجود في مدخل القسم الذي يعمل به ومن ثم يدخله في الآلة التي تقرأ الكروت أوتوماتيكياً (كارت الساعة أو كارت الباركود الشخصي) وبذلك يثبت حضوره بالدقيقة والثانية ومن ثم يعيد الكرت إلى مكانه في اللوحة التي تضم جميع كروت الموظفين، وفي البداية كان هناك تجاوزات حيث يقوم بعض الموظفين بأخذ الكرت الخاص به وإدخاله في الآلة ومن ثم يقوم في غياب الرقيب بأخذ كرت زميل له ويدخله نيابة عن زميله الغائب، ولذلك عهدت الشركات إلى مراقبة الحضور والانصراف إلى موظف يجلس طوال الوقت بجانب الكروت منعاً للتجاوزات التي قد تطرأ، مما جعل من عملية الحضور والانصراف دقيقة جداً.

 

البصمة الالكترونية

لم تكد عملية الحضور والانصراف تتطور من التوقيع في السجلات اليدوية إلى تقنية ( كارت الساعة أو كارت الباركود الشخصي) حتى ظهرت بعض العيوب، إذ لم يخل نظام الكارت من الأخطاء ومنها أن الموظف قد ينسى الكارت الخاص به، أو تتم سرقته أو نسيانه في المنزل أو تلف الكارت بالماء أو النار أو الخدوش أو الكسر أو غير ذلك، وفى هذه الحالة كان لابد من اختراع يقوم مقام ماكينة الحضور والانصراف بالكارت، ومع التطور والتحديث في هذا المجال قامت الشركات العالمية التي تعمل في التصنيع التكنولوجي باختراع الأجهزة التي تعمل بالبصمة، حيث تقوم هذه الأجهزة التي تعمل بالبصمة على تسجيل دخول الموظفين وخروج الموظفين من خلال البصمة التي يقوم الموظف بطبعها على الماكينات الخاصة بذلك ومن خلال هذه البصمة يتم التعرف على صاحب البصمة ومن خلال التعرف على الموظف صاحب البصمة يقوم الجهاز بتسجيل ساعة الدخول وتسجيل ساعة الخروج لهذا الموظف مما أوجد عملية توثيق جديدة أكثر تطوراً وأدق بحيث يستحيل التزوير فيها بأي حال من الأحوال، حيث ظهر جهاز حديث وجديد يستطيع الموظف إثبات الحضور والانصراف فيه في ثوان معدودة وهو نظام البصمة، وذلك من خلال وضع بصمة الإصبع ويتكون هذا النظام من جهاز لتسجيل البصمات حيث يتم إدخال اسم الموظف ورقمه وتسجيل بصمته من خلال هذا الجهاز الذي هو يشابه جهاز (سكانر) مصغر ذي مواصفات عالية لأخذ البصمة للموظف وتتم لمرة واحدة لكل موظف عند تسجيل البيانات، وبطاقات للموظفين حيث يتم قراءة البطاقة أولا ومن ثم يتم مقارنة البصمة ويتم تسجيل الدخول أو الخروج وهذه البطاقات يحتاج إليها في حالة ما إذا كان عدد الموظفين كبيراً بحيث يتم الاستجابة بالسرعة المطلوبة المقارنة بالبصمة وحيث إنه إذا كان هناك موظفون مهمون يمكن وضعهم في هذه القائمة وهم الذين يحتاجون البطاقات مثلا عشرة موظفين، وجهاز قراءة البصمة وبه يتم تسجيل أوقات الدخول والخروج وقراءة بصمات الموظفين بشكل يومي عند بوابات الدخول والخروج، وأخيراً تحتاج العملية إلى جهاز كمبيوتر حيث يتم وصله بجهاز قراءة البصمة بواسطة كيبل (USB) ومن ثم يتم الاطلاع على بيانات الموظفين وإدخال جداول الدوام لهم ومراقبة الدوام الخاص بكل الموظفين وإجراء تقارير عنهم، وهذه الأجهزة مزودة ببرامج خاصة حيث يمكن تحويلها إلى نص وقراءتها وتخزينها بقاعدة البيانات الخاصة بالعمل.

صمود

رغم التقدم الذي نعيشه والتقنيات الحديثة التي نستعملها في حياتنا اليومية المعاصرة والتي أتاحت البديل للتوقيع خصوصاً لإثبات الحضور للعمل والانصراف منه بتقنية البصمة الالكترونية إلا أن التوقيع اليدوي لازال باقياً في توثيق العديد من المعاملات كالبيع والشراء والإقرارات وكتابة الشيكات وغيرها ولا يمكن بأي حال من الأحوال الاستغناء عنه نهائياً بل في جزء بسيط من معاملاتنا.

 

من التوقيع..  إلى البصمة الإلكترونية
 

الختم كان يحل محل التوقيع في كتابة الوثائق قديماً

 

 

 

من التوقيع..  إلى البصمة الإلكترونية
 

أحد الأختام التي يظهر فيها اسم صاحبها ويستخدمها بدل التوقيع

 

 

 

من التوقيع..  إلى البصمة الإلكترونية
 

البصمة استخدمت قديماً بديلا ً للتوقيع ولا تزال أقوى دليل للتوثيق

 

 

 

من التوقيع..  إلى البصمة الإلكترونية
 

ختم قديم لا يزال يستخدمه كبار السن إلى اليوم ممن لا يحسنون القراءة والكتابة

 

 

 

من التوقيع..  إلى البصمة الإلكترونية
 

مع التقدم التقني حلت البصمة مكان التوقيع في الحضور والانصراف

 

 

 

من التوقيع..  إلى البصمة الإلكترونية
 

ختم الشخص باسمه لا يزال يستخدم مع التوقيع في المحاكم وكتابات العدل إلى اليوم

 

 

 

من التوقيع..  إلى البصمة الإلكترونية
 

التوقيع لا يزال باقياً وصامداً رغم التقدم التقني والتكنولوجي

 

 

 

من التوقيع..  إلى البصمة الإلكترونية
 

تقنية الحضور بالكارت تقنية قديمة انتهت باختراع تقنية جهاز البصمة