• |

هل كنا أنصاراً عند المهاجرين؟

كانت تنزع الجاكيت الثقيل وتقول أنه أثقلها،

وأنه حوّل الطقس البارد إلى جوٍ ساخن!

لعِبت علينا أمي مرارا كعادتها،
لكنها ألعاب عطف ورحمة وإيثار،
ومرّرتَ أشياء لم أكن أفكر بعاطفتها وإنسانيتها
بل كنت أفكر بعقلانية معها وأنسى سماء العاطفة!


كان أحد زملائي بالفصل - في المرحلة المتوسطة -
يسألني عن معنى الإيثار، وأن هناك تشابه بينه وبين تعريف المروءة، قلت الفرق كبير بينهما لكن إذا أردت أن تتذكر تعريف الإيثار فتذكر تصرفات والدتك في المنزل معكم ..
كان الرد الطفولي: إلهامي فطري!

 

في هذا الزمن الذي تفاقمت به الأسعار نحو السماء، وتزاحمت به ظروف الحياة الصعبة، ومتطلباتها الكمالية
مع انتشار الرفاهية! نحن بحاجة فعلا إلى تطبيق معنى الإيثار في هذه التقلبات حتى لا نكون نسخة كربونية لمجتمع الغرب(مجتمع الأنانية)
حين يرفع أحدهم قدمه عن رجلٍ سقط تحته ..
ليكمل طريقه دون إلتفات .

الإيثار يحقق للمجتمع التوازن النفسي والمادي والخلقي والسلوكي والاقتصادي،
هنا سيتقاسم المجتمع المترابط: الحلوى .. والعلقم!

هذه قيمة إنسانية إسلامية حث عليها سيد الخلق،
وتمثلها أمام مجتمعه، وقد مدح الله بها الأنصار حين فتحوا بيوتهم وصدورهم لإخوانهم المهاجرين فقال عنهم:
{ويؤثرون على أنفسم ولو كان بهم خصاصة}
والخصاصة: شدة الاحتياج .
فهل كنا كالأنصار مع المهاجرين وكل من نعرفهم؟


هل جربت أن تقدّم غيرك عليك،
فرأيت الرد الإلهي والبشري في مواقف شتى؟
أعلم أنك لست بحاجة للرد ولا تنتظره،
ولكنه ربما أغراك الشعور الجميل الداخلي،
لأن متعة العطاء لا تذوب عن لسانك،
ولا تنصهر حلاوته عن قلبك العامر بالحب والسلام!


حين قدم عبدالرحمن بن عوف وآخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين سعد بن الربيع وكان كثير المال، فماذا قال سعد، لله در سعد!
قال:
سأقسم مالي بيني وبينك شطرين، ولي امرأتان،
فانظر أعجبهما إليك فأطلقها، حتى إذا حلت تزوجتها،
فقال عبدالرحمن: بارك الله لك في أهلك،
دلني على السوق!

ما أروعك يا سعد!
ما هذه الرجولة، والإيثار! وجبال الأخلاق!
ولا غرو، هؤلاء هم تلاميذ محمد ﷺ

إشراقة :

كم رجل غني وأخوه فقير؟ وجاره معدم؟
وصديقه منكوب؟ وأبناء قبيلته يتضورون جوعا،
كالسحابة العقيمة العالقة بالسماء، لا تمطر
ولا تتحرك عن عيون أبناء القرية ليرتاحوا من الآمال!

وفي نظري أن الإيثار أقوى من الهدية،
لأن كل الناس تُهدي،
لكن القوة تكمن في إعطائك للشيء وأنت أولى به!
وقد تكون محتاجاً له ..

الإيثار ليس بالمال فحسب بل حتى بالمشاعر،
أن أقدمك قبلي، وأجلس على الأرض الصلبة
وأنت على الحرير منعما،
تالله إن الدنيا مواقف وسجلات، وللناس ذاكرة لا تنسى!
فالشخص الذي فاح حبه لذاته وترك الناس للناس سيتركه الناس للناس،
وسيكرهون رائحة أنانيته حتى تدفن معه!

الكلمات الدلالية :

المشاركة السابقة

التعليقات ()

  1. لا تتوفر تعليقات بالوقت الحالي

برمجة وتصميم ATMC TECH