"الغطاء الأخضر" في رجال ألمع يجذب الزوّار وينشط الحركة الاقتصادية

on
  • 2017-08-28 20:05:36
  • 0
  • 1328

أسهمت الأمطار الغزيرة التي تشهدها منطقة عسير بشكل عام ومحافظة رجال ألمع بشكل خاص خلال الأسابيع الأخيرة ، في رفد الغطاء النباتي والغابات الطبيعية التي تشتهر بها جبال وأودية المحافظة التي تقع على بعد 45 كليو مترا عن مدينة أبها العاصمة الإدارية لعسير ، وترتبطان بعقبة "الصماء" .
وعرفت رجال ألمع باعتدال مناخها وغزارة أمطارها في فصل الصيف ، حيث يمثل دخول موسم" سهيل اليماني" أبرز تباشير اكتساء الأرض بثوبها الأخضر الزاهي، فلا تشاهد العين سوى لوحات خضراء تُرسم على الجبال والسهول وفي بطون الأودية ، ولا تسمع الأذن سوى خرير الماء العذب الذي يشكل شلالات طبيعية، جذبت آلاف الزوار من مختلف مناطق المملكة ، الذين تعرفوا على جمال المكان من خلال وسائل التواصل الاجتماعي ومقاطع الفيديو القصيرة التي يبثها عدد من إعلاميي منطقة عسير في وسائط ذات جاذبية للمتابعين مثل (سناب شات، تويتر) .
وأظهرت جولة ميدانية لوكالة الأنباء السعودية "واس" كثافة السيارات العابرة لعقبة "الصماء" من مركز"السودة" باتجاه رجال ألمع ، وكذلك عبر الطرق الأخرى التي تربط رجال ألمع بمحافظة محايل عسير(شمالا) ومحافظة "الدرب" جنوبا، وبمجرد وصول السياح القاصدين لرجال ألمع أسفل عقبة "الصماء" يستقبلهم "وادي العوص" الذي يضم على جنباته مزارع الذرة والدخن التي تشتهر بها المحافظة، حيث يستمتعون بالمناظر الخلابة من خلال مطلات ومواقع خصصتها بلدية المحافظة في أعلى الوادي، ثم يتجه معظمهم إلى جنوب المحافظة ، عابرين أحد أطول أنفاق المملكة وهو نفق " جبل رَزْ" الذي يقدر طوله بأكثر من 800 متر .
وأول ما يستقبلهم بعد عبور النفق، قرية "رجال ألمع التراثية" التي تعتبر من أشهر القرى التراثية على مستوى العالم العربي ، حيث فازت قبل عدة أشهر بجائزة المدن العربية فرع " التراث المعماري "، وتجمع الكثير من المصادر التاريخية على أن تاريخ القرية يعود إلى حوالي 500 عام، حيث كانت من أبرز محطات القوافل في جنوب الجزيرة العربية .
ويؤكد مشغل القرية إبراهيم مسفر الألمعي في حديثه لـ"واس" أن هطول الأمطار الغزيرة على رجال ألمع واكتساء طبيعتها البكر بالغطاء الأخضر يسهم كل عام في مضاعفة زوار القرية ومتحفها الذي يعتبر من أوائل المتاحف الأهلية في المملكة ، مشيرا إلى أنه منذ بداية شهر أغسطس الجاري تضاعف عدد الزوار بنسبة تزيد عن 50 % عن الأشهر السابقة.
وبين أن النشاط الاقتصادي والسياحي في المحافظة ينشط بشكل كبير هذه الأيام . وعن أبرز الفعاليات التي تقدم لهم قال مسفر : هناك جولة سياحية داخل القرية تشمل مبنى المتحف ومبنى مائة عام الذي يحتوي على زخارف ونقوش تراثية يصل عمرها إلى أكثر من مائة عام، إضافة إلى نظام دفن الذهب والفضة كعملات تجارية قديما، ثم الأنفاق التي تسمى " السدد" إضافة إلى مبنى المدرسة الأميرية القديمة ومنتزه وادي الخليص.
لكن أبزر ما جذب السياح للمحافظة هي المناظر الطبيعية الخلابة والغابات الكثيفة والمياه الجارية التي تمتاز بها الأودية والجبال التي تبدأ من قرى "ميل قيس" وحتى مركز البتيلة ،ثم على امتداد قرى"الصليل" و"رحب" و" حسوة" و"قارية بني جونة" وهي قرى اكتسبت شهرة كبيرة خلال الأيام الماضية حيث تغطيها الغابات الكثيفة والحشائش التي تخترقها الشلالات المائية معظم أيام السنة ، وسط تنوع لافت في الغطاء النباتي الذي يندر وجوده في أماكن أخرى .
اللافت للنظر أن الكثير من زوار المحافظة قدموا من مناطق بعيدة ، حيث التقت"واس" زوارا من منطقة حائل ومنطقة الحدود الشمالية ومنطقة المدينة المنورة ، أشاروا في أحاديث سريعة إلى أنهم شاهدوا مقاطع وصورا عن ما تحظى به "رجال ألمع" من طبيعة ساحرة إضافة إلى عراقتها التاريخية المعروفة ، لكنهم عندما وصلوا للمكان وجدوا أن الواقع أجمل بكثير ، يقول محمد الشمري لـ"واس" : قدمت من حائل للاستمتاع بهذه الأجواء الجميلة والمناظر التي لم يدر في ذهني ولم أكن أصدق لو لم أراها على أرض الواقع ، أن تكون في المملكة . وأضاف "هذا يثبت أن وطننا العزيز يحتوي على مقومات سياحية كبيرة ، ولكن المهم هو تطوير الخدمات وزيادة الاستثمار السياحي في مثل هذه الأماكن مع الاستفادة من التجارب العالمية في التوفيق بين التطوير السياحي والحفاظ على البيئة" .
وعلى أطراف الأودية وعلى مداخلها كون شباب قرى" الصليل" و" حسوة" وقارية بني جونة " التي يقصدها السياح ، فرقا تطوعية ، تستقبل الزوار وترشدهم للأماكن التي يمكنهم الاستمتاع بها ، وتسهم في فك ازدحام السيارات ، إضافة إلى توزيع أكياس نفايات ومنشورات توعوية بأهمية ترك المكان نظيفا ، والحفاظ على المقومات البيئية ،وهو ما أثار أعجاب الجميع ، وشجع الكثيرين على التفاعل والتعاون معهم.
وبالتوازي مع الجهود التطوعية ، جندت جميع القطاعات الأمنية والخدمية في محافظة رجال ألمع طواقهما لمواكبة الكثافة في أعداد السيارات والزائرين حيث تقوم فرق من شرطة ومرور المحافظة بتنظيم حركة السير على مدار الساعة .
ومن جهته أكد رئيس بلدية رجال ألمع سعيد بن علي حافظ أن البلدية تقوم بجهود كبيرة وحسب إمكاناتها في الحفاظ على نظافة وتهيئة الأماكن التي يرتادها سياح المحافظة . وقال لـ"واس" :تسعى بلدية رجال ألمع إلى تقديم جميع الخدمات داخل نطاقها من إنشاء مشروعات البنى التحتية والحدائق العامة والمسطحات الخضراء والساحات ، مع الأخذ في الاعتبار ما تتحلى به المحافظة من طبيعة وغابات يلزم عدم الأضرار بطبيعتها الجميلة، وبين أن البلدية تعكف على إعداد دارسة شاملة للحفاظ على المنتزهات الطبيعية في المحافظة، وسيتم تقديمها إلى الجهات المعنية لاعتمادها من أجل النهوض بالجانب السياحي دون الاضرار بالبيئة ".
وإلى جانب الترحاب الكبير الذي يلقاه السياح من أبناء المحافظة، نشط الجانب الاقتصادي في منطقة رجال ألمع بشكل وصفه بعض أصحاب المحلات التجارية بـ" غير المسبوق" ، حيث تضاعفت المبيعات في معظم أسواق المواد الغذائية والمطابخ التي تقدم الوجبات الشعبية التي تشتهر بها تهامة عسير مثل " الحنيذ"، واستثمر الشباب هذه الفرصة في بيع بعض المأكولات والمشروبات السريعة على الطرقات العامة .