الاحسان في القران الكريم

on
  • 2015-12-06 11:28:23
  • 0
  • 17579

أمَر الله عباده بالإحسان وشدد على أهميته وضرورته للفرد والجماعة على السواء بقوله تعالى : }إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ { ( سورة النحل : 90). ويخبرنا الله تعالى في هذه الآية الكريمة بالأمر بالعدل ةهو القسط ، ويندب إلى الإحسان كقوله تعالى : }وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله{ ، وقال ابن عباس : } إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ { قال : شهادة أن لا إله إلا الله ، وقال سفيان بن عيينة : العدل في هذا الموضع هو استواء السريرة والعلانية من كل عامل لله عملاً ، والإحسان أن تكون سريرته أحسن من علانيته .
وفي الحديث النبوي: "إن الله كتب الإحسان على كل شيء". والإحسَان قيمة دينية بالغة الأهمية في حياتنا ، لأن تحري العبد المؤمن الإحسان في عقيدته وفي عباداته اليومية كالصلاة والصدقة وصيام التطوع ،وعباداته الموسمية كصوم رمضان والزكاة والحج إلى بيت الله الحرام وأيضاً في أخلاقه ومعاملاته ، كفيل بإذن الله أن ينال العبد رضا ربه وإحسانه أيضاً ، يقول الله تعالى : }هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ{.( سورة الرحمن :60) .
والقرآن الكريم دستور المسلمين في شتى بقاع الأرض يولي موضوع الإحسان اهتماماً نوعياً خاصاً ، هذا الاهتمام جعلنا أن نبحث بروية واعتناء في معنى الإحسان الذي نجم عن تعدد في المعنى بتعدد الاستخدام القرآني ، مما يدفعنا أن نتدبر ونتأمل معنى الإحسان في القرآن الكريم .
والذي يدفعنا بجدية أن نتعرف معنى الإحسان في القرآن الكريم ما جاء في حديث رسول الله r من معنى الإحسان ، روى أبو عامر الأشعري ، عن عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) قال : " بينما نحن جلوس عند النبى r إذا طلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر لايرى عليه أثر السفر ولم يعرفه منا أحد حتى جلس إلى النبى r وقال : يا محمد أخبرنى عن الاسلام :قال : " أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ،وتقيم الصلاة وتؤتى الزكاة وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا " .قال :صدقت .فعجبنا له يسأله ويصدقه .قال : فأخبرنى عن الإيمان: قال أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره. قال : صدقت. قال : فأخبرنى عن الإحسان: قال الاحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فأنه يراك "..
والإحسان كما نفهم من الحديث أنه لُب الإيمان ، وروحه وكماله ، وهذه المنزلة تجمع جميع المنازل مثل منزلة العلم ، والتذكر ، والتبتل ، والخشوع ، والإشفاق ، والتهذيب وغيرها من المنازل الأخلاقية ، فجميعها كما يؤكد الإمام ابن قيم الجوزية في كتابه (مدارج السالكين ) منطوية فيها ، وقد روي عن النبي r أنه قرأ : } هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ{ . ، ثم قال : " هل تدرون ماذا قال ربكم ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال يقول : هل جزاء من أنعمت عليه بالتوحيد إلا الجنة ؟ " . أما الحديث ، فإشارة إلى كمال الحضور مع الله عز وجل ، ومراقبته الجامعة لخشيته ، ومحبته ، ومعرفته ، والإنابة إليه ، والإخلاص له .
ويذكر الشيخ محمد الغزالي في كتابه " الجانب العاطفي من الإسلام " أن عند صدق الإيمان وتمام الإسلام يجئ الإحسان نتيجة لازمة لهما ، يقول تعالى : } إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً{ (سورة الكهف : 30) ، فالإيمان حسن معرفة لله وثقة نامية فيه ، وأنَّ الإسْلام استجابةٌ مطلقةٌ لتعاليمه ، وتحر دقيق لرضَاه ، فإذا تجمعت هذه العناصر ، وجرت فيها مشاعر اليقين ، واينَعت فيها صَوالح الأعمال ، فإن المرء يكون لا محالة محسناً.
وقبل الولوج في تعرف معاني الإحسان في القرآن الكريم نشير على عجلٍ إلى معنى كلمة الإحسان ، فكلمة ( حسن ) بتصريفاتها وردت في القرآن الكريم سبعاً وثلاثين مرة ، معظمها جاءت تحمل معاني خير الجزاء على فعل الإحسان الذي يعني المعروف أو أي سلوك يرضاه العرف . أما المعجم الوجيز فيشير إلى الكلمة بإنها الشئ الذي أجيد صنعه ، و (أَحْسَنَ ) أي فَعَلَ ما هو حسن ، ومنه قوله تعالى ، و ( حاسنه ) أي عامله بالحسنى .
ويشير الدكتور تمام حسان إلى أن لفظة الإحسان من الألفاظ التي تتعدد معانيها حالب إفرادها ، فلا يتعين أحد هذه المعاني المتعددة والمحتملة إلا عندما ترد كلمة الإحسان ومشتقاتها في سياق النص. أضف إلى ذلك أنه حين تتعدد المعاني للفظ الواحد تحيط به هالة من الظلال والأطياف لا يدرى معها إلا مع إمعان النظر أي هي المعاني حقيقي وأيها مجازي .
والمتدبر في آيات الإحسان التي جاءت ذكرها في القرآن الكريم يدرك أن ألفاظ الإحسان بطريقة استعمالها ووجه تركيبها صارت وكأنها فوق اللغة ، وهذا من وجوه إعجاز القرآن الكريم نفسه وبلاغته وبيانه ، و يدعم هذا المغزى البلاغي الإعجازي ما ذكره مصطفى صادق الرافعي في كتابه ( إعجاز القرآن والبلاغة النبوية ) بقوله : " فإن أحداً من البلغاء لا تمتنع عليه فصح هذه العربية متى أرادها ، وهي بعد في الدواوين والكتب ، ولكن لا تقع له مثل ألفاظ القرآن في كلامه ، وإن اتفقت له نفس هذه الألفاظ بحروفها ومعانيها ، لأنها في القرآن تظهر في تركيب ممتنع ، ولهذا ترتفع إلى أنواع أسمى من الدلالة اللغوية أو البيانية التي هي طبيعية فيها ، فتخرج من لغة الاستعمال إلى لغة الفهم ، وتكون بتركيبها المعجز طبقة عقلية في اللغة " .
ومن هذه الألفاظ التي تتجاوز الحدود اللغوية والبيانية إلى حدود الفهم والإفهام لفظ الإحسان في القرآن الكريم، والذي خرج عن دلالته التقليدية إلى معان ودلالات متباينة ذات أفق أعلى وأسمى من دلالته اللفظية المعجمية الضيقة . ولنا أن نؤكد قبل سرد المعاني المختلفة لكلمة الإحسان في القرآن الكريم ، أن نشير إلى أن للفظ القرآني معنىً وظيفياً بخلاف المعنى المعجمي الضيق.
الإحسان في القرآن الكريم :
جاءت كلمة الإحسان في القرآن الكريم لتخرج عن دلالة الكلمة إلى معان جديدة ، فمن معانيها الإيمان مثل قوله تعالى : ) فَأَثَابَهُمْ اللَّهُ بِمَا قَالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ ( (سورة المائدة :85) .أي أنهم أحسنوا بإعلان إيمانهم فأثابهم الله تعالى ، وكذلك قوله تعالى : )سَلامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ * إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ ( ( سورة الصافات : 79 ـ 81) .
وخرجت لفظة الإحسان عن معناها التقليدي إلى معان أخرى في القرآن الكريم مثل الصبر ، يقول الله تعالى : ) وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ( (سورة هود :115) ، وقوله تعالى في سورة العنكبوت : : )وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ((سورة العنكبوت / 69) ، وهذه المعية هي معية خاصة ؛ تتضمن حفظهم ونصرهم ، وتأييدهم ، ولعل هذه المرتبة هي الثالثة من مراتب الصبر والتي تعني الصبر مع الله ، وهو دوران العبد مع مراد الله الديني منه، ومع أحكامه الدينية ، صابراً نفسه معها ، سائراً بسيرها ، مقيماً بإقامتها ، وهو صبر الصادقين .
ومن معاني الإحسان في القرآن الكريم أيضاً معنى الطاعة ، مثل قوله تعالى : )وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (( سورة الصافات : 104 ـ 105) ، وقوله تعالى : )وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (( سورة التوبة : 100) . والدليل على أن الإحسان يعني الطاعة حيناً والمعروف حيناً آخر أن الله ( تبارك وتعالى ) عندما أوصى الإنسان بوالديه إحساناً قال : ) وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ( (سورة العنكبوت : 8) ، وقال جل شأنه: ) وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ( ( سورة لقمان : 15 ) . فنفى الطاعة مع طلب الشرك وأثبت المعروف الذي يجب لهما حتى مع دعوتهما له إلى الشرك فكان الإحسان لهما ثابتاً في الحالتين .
ومن معاني الإحسان في القرآن الكريم معنى الصدق ، الذي هو فضيلة تعصم الإنسان من الذلل ، وكما قال الصالحون الأقدمون إن الصّدقَ هو الطريق الأقوم الذي من لم يسر عليه فهو من المنقطعين الهالكين ، وبالصدق تميز أهل النِّفاق من أهل الإيمان ، وهو سيف الله في أرضه الذي ما وضع على شئ إلا قطعه ، ولا واجه باطلاً إلا أرداه وصرعه . والإيمان أساسه الصدق ، والنفاق أساسه الكذب ، فلا يجتمع كذب وإيمان وأحدهما محارب للآخر ، ولقد أخبرنا الله ( سبحانه وتعالى ) أنه في يوم القيامة لا ينفع العبد وينجيه من عذابه إلا صدقه ، قال تعالى : ) قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ( ( سورة المائدة : 119) .
ومن الآيات التي جاء فيها الإحسان بمعنى الصدق قوله تعالى : ) وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً ( ( سورة النساء :125) ، وقوله تعالى : ) أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنْ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ( (سورة المائدة :50) .
ومن أبرز معاني الإحسان في القرآن الكريم العمل الصالح ، والآيات الدالة على هذا المعنى في القرآن الكريم كثيرة ومتعددة ، منها قوله تعالى : ) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً . ( (سورة الكهف :30) ، وقوله : ) لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ( (سورة المائدة :93) .
وقد يأتي الإحسان في القرآن الكريم بمعنى السعادة ، وماهية السعادة لذة في القلب بإدراك المحبوب ، ونيل المشتهى ، فيتولد من إدراكه حالة تسمى السعادة والسرور ، يقول الله تعالى : ) لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلَّةٌ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ( (سورة يونس : 26) ،ويخبر الله تعالى في هذه الآية الكريمة أن لمن أحسن العمل في الدنيا بالإيمان والعمل الصالح له الحسنى في الدار الآخرة ، أما قوله تعالى : )وَزِيَادَةٌ ( هي تضعيف ثواب الأعمال ويشمل ما يعطيهم الله في الجنة من القصور والحور والرضا عنهم ، وما أخفاه لهم من قرة أعين ، وأفضل من ذلك وأعلاه، النظر إلى وجهه الكريم ، فإنه زيادة أعظم من جميع ما أعطوه لا يستحقونها بعلمهم بل بفضله ورحمته .
ويأتي الإحسان أيضاً بمعنى التفضيل ، كقوله تعالى : ) قُلْ هَلْ تَتَربَّصُونَ بِنَا إِلاَّ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمْ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ ( ( سورة التوبه : 52) ، وقوله عز وجل : ) مَا عِنْدَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ( ( سورة النحل :96) وهو قسم من الله تعالى مؤكد باللام أنه يجازي الصابرين بأحسن أعمالهم أي ويتجاوز عن سيئها.
ونؤكد في خاتمة القول إلى ما أشار إليه الشيخ محمد الغزالي في تسعينيات القرن الماضي ، وهو أننا هذه الأيام في أمس الحاجة إلى إحياء قيم ومعاني الإحسان ، لما يصدر من بعض المسلمين من إساءة إلى دينهم وأنفسهم بالغة الشدة ، ولقد اتسع نطاق هذه الإساءة ، فإذا ما أحسنت الأمة الإسلامية العمل بحقائق دينها ولا أحسنت العمل بشئون دنياها فلم يكن بد من مواجهة عقبى الهوان والتراجع ، والقرآن الكريم الذي يضمن علاج الأمة الإسلامية من أمراضها تضمنت آياته مقاصد الإحسان بدرجة من الشمول الذي يمكن من خلال اتباعه التمكين في الأرض ، وملئها باليمن والبركة.
ولابد لنا أن ندرك حقيقة تجعلنا نتلمس الإحسان في كل أعمالنا ومقاصدنا ، فالإحسان في صورته العليا صفة رب العالمين ، لأن الإساءة تنتج عن الجهل والعجز والقصور وما إلى ذلك من أوصاف مستحيلة أن يتصف الله بها ، يقول تعالى : ) وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ ((سورة النمل :88) .