• |

مع البن

البن العربي هو الاسم العلمي لنبتة البن كما ورد في الموسوعة العربية العالمية وهي شجرة استوائية أوراقها تشبه رأس الحربة صقيلة لامعة دائمة الخضرة    وينسبها بعض المؤرخين  إلى مديرية (كافا) الاستوائية والتي رُجح بسببها اصل التسمية إلى هذا الاقليم (كافيه) حيث كانت تستخدم كمكسرات ثم انتشرت زراعتها في اليمن قبيل ظهور الاسلام واستخدمت كمشروب و ودواء .

 وعرفت في اليمن كمشروب (قهوة) قبل نحو سبعمائة سنة ثم انتشرت في الحجاز فتركيا في القرن السادس عشر ومنها إلى أوروبا ونقل البرتغاليون زراعة البن إلى أمريكا الجنوبية وجنوب شرقي آسيا .

ثم تطور مشروب البن كقهوة وانتشر ليدخل جميع دول العالم تقريبا وأشهر أنواع البن هو البن العربي ومن أهم المنتجين له اقليم جنوب الجزيرة العربية التي احتكرت تجارته لثلاثة قرون واشتهر ميناء (المخا) على ساحل البحر الأحمر بتصدير البن العربي قبل أن تنافس دول أخرى في انتاجه ومنه استخدمت تسمية القهوة العالمية (موكا).

 وتحتل البرازيل المركز الأول عالميا حيث تنتج 20% من الانتاج العالمي تليها كولومبيا وفيتنام وعدد من دول العالم كإندونيسيا والمكسيك وساحل العاج والهند واثيوبيا وجواتيمالا وأوغندا والسلفادور واليمن .

 والبن ثاني أكبر منتج متداول عالميا بعد البترول ويعمل في البرازيل لوحدها خمسة ملايين عامل في انتاج البن وتنظم تجارته اتفاقيات دولية تحدد إجمالي صادرات البن لكل دولة كتجارة النفط وتعتبر الولايات المتحدة الأمريكية المستهلك الأول عالميا للقهوة تليها إيطاليا والبرازيل ثم بريطانيا وفرنسا واليابان والدول العربية .

 ومن أشهر أنواع القهوة (القهوة العربية ـ قهوة القشر ـ القهوة التركية ـ القهوة الايرلندية ـ القهوة الامريكية ـ قهوة فينا ـ قهوة الحليب ـ قهوة الشاي ـ الموكا ـ الكابتشينو) .

 وفي الجزيرة العربية تعد قهوة البن رمزا للأصالة والكرم وارتبطت بها العادات والتقاليد وأدبيات السمر والمطالعة والانتاج الفكري ولا يخلو مجلس من دلة قهوة تدار للضيوف ولهم فيها فنون في التقديم والاستقبال مما جعلها المشروب الأول في البيت العربي وفي كل الأوقات والمناسبات .   

لشارب قهوة البن التغادي  ...  فسر شرابها في الكون بادي

لها عرف العنابر في الأيادي ...  ولون المسك تشرب بالزبادي

 وعرفت جبال جازان بإنتاج أجود أنواع البن العربي وهو ما يعرف باسم (البن الخولاني) حيث تنتشر مزارعه على المدرجات الجبلية في مزارع متراصة صغيرة المساحة وتتنوع جودته وفقا للظروف الطبيعية من درجة الارتفاع وجودة التربة وتعرضه للشمس والرياح ويتميز البن الخولاني بسلالته المعروفة بـ (العنثري) الذي يعتمد على ماء الأمطار ولا يحتاج للسقيا .

 وتجري العناية به بدءا من اختيار التربة الطينية الصفراء الغنية حيث تبذر البذور الجيدة المنتقاة ويعنى بها حتى يصل طول الشتلة (20 ـ 50 سم) ثم تنقل للمكان المعد لغرسها حيث يتم الغراس في موسم البرد الذي يلي موسم الحصاد فيما يعرف لدى المزارعين بـ (المَرْكِد) وهو نجم القلب الذي يبدأ في التاسع والعشرين من برج القوس الموافق للعشرين من شهر ديسمبر كانون الأول من كل عام .

ويراعى التجاور بين كل (غريسة) وأخرى بمسافة تتراوح بين (3 ـ 4 م) ولا تسقى الا في المرة الأولى لغرسها وتحتاج من (3 ـ 4) سنوات لتصبح شجرة مثمرة .

وشجرة البن تعمر طويلا إذ يفوق عمرها المئة سنة وعودها ذو لون بني مائل للصفرة وتغطي الشجرة مساحة قطرها أربعة أمتار وارتفاع سبعة أمتار وهي دائمة الخضرة طوال العام وتحتاج شجرة البن لعناية خاصة بعد موسم الجني لتخليصها من الفروع اليابسة وهو ما يعرف لدى المزارعين بـ (الحطب) لإعداد الشجر لموسم الثمر بأغصان أكثر قوة كما تحتاج التربة للتقليب مرة واحدة في السنة لتفتيحها وتجديدها بما يعرف عند المزارعين بـ (الفَرْس)

وتبدأ الشجر دورة الانتاج بمرحلة الزهر في  (...توقيت الزهر) حيث تخرج أزهار البن بيضاء جميلة تكسو المكان روعة ولها رائحة عطرية شذية تملأ الأجواء نشوة وسرورا ولكنها سرعان ما تذبل لتبدأ الثمرة في التشكل خضراء صغيرة تستمر في النمو وتتحول للنضج تدريجيا إلى اللون الأحمر فتكسو الشجرة جمالا بتعانق ألوان الثمر الأحمر بألوان الورق الأخضر في منظر مبهر غاية في الجمال يؤذن بموسم جني غلة البن (تحديد التوقيت) فيما يعرف بموسم (الجَنْي أو الجِنَاء) لدى مزارعي البن .

 وثمرة البن بيضاوية يكون الشكل لونها في بداية تكوينها أخضر داكنا يتحول تدريجيا وقت النضج إلى الأحمر تتكون من القشر الخارجي وهو قشرة ليفية تحوي غشاء حلو المذاق وبداخله بذرتان متجاورتان صلبتان تزداد صلابتهما كلما اقتربا من النضج وتنمو هذه الثمار في مجموعات على أطراف الأغصان وأحضان الورق الخضراء المستديمة ليتحول إلى عقد جميل من الثمار على غصن غير متدل يزيدها جمالا تعدد الأغصان على ذات الفرع بألوان طبيعية زاهية الأحمر  والأخضر والبني.

  وعندما تنضج الثمرة في لونها الأحمر يتم جنيها يدويا حبة حبة بعناية للحفاظ على سلامة الغصن ليحمل الثمرة في موسمها القادم ويجمع في أدوات جلدية (جراب) ثم ينقل لأماكن التجفيف وعادة ما تكون أسطح المنازل أو أماكن قد تعد لهذا الغرض عند وفرة المحصول ويحافظ عليه من تأثير المطر بجمعه مؤقتا في أماكن تحفظه من الرطوبة ويتم تعريضه يوميا لأشعة الشمس اللاهبة مدة اسبوعين حتى تجف الثمار ويتحول لونها إلى البني الداكن أو الأسود فيما يعرف لدى المزارعين بـ (لتقفيل) ثم يجمع ويكال بالصاع المحلي (يقدر بعشرة كيلوات) وتتم تعبئته في أكياس كبيرة وينقل إلى أسواق البن المحلية في المنطقة كالداير والعيدابي والعارضة وصبيا ومنها إلى محامص البن لتتم مرحلة فصل القشر عن اللب ويتم تسويق البذور بعد وزنه وتغليفه ليكون المادة الأساسية لشراب القهوة المعروفة حيث يتفنن القائمون على تذوق القهوة بتحميصه في مكان إعداد القهوة وتقديمه في دلال مخصصة وفناجين معدة لهذا الغرض ضمن عادات متعارف عليها بين المهتمين بهذا المشروب الأصيل .  

 كما تقوم بعض المعامل بحمص فصوص البن بالحرارة وإخراجه باللون الأصفر أو البني الداكن ليواكب الرغبات والأذواق ثم يطحن ويعلب ويعرض جاهزا للاستعمال

أما القشر فيسوق داخليا في النطاق الجبلي ليصنع منه قهوة خفيفة التركيز صهباء اللون ذات طعم يميل إلى الحلاوة طيبة الرائحة تعرف باسم (قهوة القشر) .

الكلمات الدلالية :

المشاركة السابقة

التعليقات ()

  1. لا تتوفر تعليقات بالوقت الحالي

برمجة وتصميم ATMC TECH