الصناعة: استخدام التكنولوجيا الحيوية لتحويل مخلفات الطعام إلى ألياف مستدامة

on
  • 2022-09-06 11:25:25
  • 0
  • 331

يبدو أن ألياف الحليب قابلة للاستعمال في مجال صناعة النسيج، وقد بدأت كل من ألمانيا، وإيطاليا، وفرنسا بتطوير أبحاث واختبارات على هذا النوع من الألياف القابلة للاستعمال في مجال صناعة الموضة. كما شهدنا مؤخراً إطلاق أول مجموعة من الأزياء تمّ تنفيذها بهذه الألياف الصديقة للبيئة.

تنافس شركة "ميتيرو" الأميركية في عالم تصنيع الأزياء، من خلال استخدام التكنولوجيا الحيوية لتحويل مخلفات الطعام إلى ألياف مستدامة تحل محل البلاستيك في صناعة الأزياء وغيرها.

وأعلنت الشركة التي تتخذ من لوس أنجلوس مقراً لها مؤخراً، أن قيمة الهدر بمادة الحليب 128 مليون طن سنوياً، ما يولِّد كميات هائلة من غازات الاحتباس الحراري الذي بدوره يؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة الأرض والتبدّل المناخي.

فقرّر الرئيس التنفيذي للشركة روبرت لوه، التواصل مع علماء في الكيمياء، لإبتكار طريقة لتحويل الحليب الفاسد إلى بروتين يمكّن تحويله إلى أليافٍ يصار لاحقاً إلى غزلها.

وتبدأ العملية باستخراج بروتين الكازين من البكتيريا المزروعة في الحليب الفاسد، ثم تستخدم تنقية خاصة تقوم بالتجميع الذاتي للحصول على بروتين "جيد"، بعدها يتم عزل البروتينات وتصليبها وتحويلها إلى ألياف يتم شدها وغزلها في خيوط يتم تجهيزها للاستخدام في صناعة الملابس.

 وتواجه صناعة الموضة تحديات عديدة مرتبطة بابتكار موارد جديدة واعتماد أساليب تصنيع مختلفة للاستجابة لحالة الطوارئ المناخيّة التي نعيشها على الصعيد العالمي. وتندرج إعادة التدوير، واستئجار الملابس، وشراء الأزياء والأكسسوارات المستعملة ضمن الحلول المفيدة في هذا المجال ولكنها تبقى غير كافية بغياب استعمال مواد جديدة مستدامة تخفّف من التأثير البئي لصناعة الموضة.

في هذا الإطار، شهدت الأشهر الأخيرة ظهور أنواع غريبة من الألياف التي يتمّ استعمالها في مجال صناعة الأنسجة، منها خيوط شباك العنكبوت كبديل للحرير، والفطر لتصنيع أنواع من الجلود النباتيّة، والهندباء لصناعة جيل جديد من المطاط. أما آخر المحاولات في هذا المجال، فقام بها المركز الأوروبي للمنسوجات المبتكرة بالتعاون مع المركز الفرنسي لاقتصاديات الألياف. وقد توصلوا إلى تطوير نسيج مصنوع من ألياف الحليب يتمّ تصنيعه من أطنان الحليب التي يتمّ هدرها سنوياً في فرنسا نظراً لكونها غير قابلة للاستهلاك.

 

لم يصبح استعمال ألياف الحليب في مجال صناعة النسيج شائعا في مجال الموضة حتى الآن، ولكنه ليس من أحدث الابتكارات في هذا المجال. فبعد عدة محاولات فاشلة، توصّل مهندس كيميائي إيطالي في العام 1930 إلى تصنيع ألياف من بروتين الحليب بهدف استعمالها كبديل للصوف. ولكن هذا الاكتشاف لم يلق رواجاً حينها بسبب التأثير البيئي للمواد الكيميائية المستخدمة في تصنيعه ورداءة نوعية الألياف التي تمّ الحصول عليها. ومن المفارقات أن معالجة القضايا البيئيّة على وجه التحديد، هي التي أعادت إلى الواجهة الاختبارات حول ألياف الحليب بعد تطويرها وتحويلها إلى مادة صديقة للبيئة.

تحقق هذا المشروع في العام 2010 مع شركتين إحداهما ألمانية والأخرى إيطالية، بعد أن عملتا على تحسين عمليّة تصنيع الحليب المنتهي الصلاحية أو غير الصالح للاستهلاك وتحويله بأساليب صديقة للبيئة إلى نسيج طبيعي وقابل للتحلّل مما يسمح بتطوير مواد أكثر استدامة والحدّ من النفايات.

بدأت الأنسجة المصنوعة من ألياف الحليب تستقطب اهتمام بعض علامات تصنيع الأزياء، والملابس الداخليّة، والملابس المنزليّة التي قامت بتصنيع قطع من قطن الحليب ولكن الإنتاج لم يبلغ بعد مستويات واسعة النطاق.

آخر مُستخدمي ألياف الحليب كان مصمم الأزياء الفرنسي موسى تراوري صاحب علامة Mossi الذي قدّم على شبكات التواصل الاجتماعي صوراً لتصاميمه المصنوعة من ألياف الحليب والتي تمّ تصنيعها في إيطاليا. وقد كشف المصمم عبر صفحته على موقع إنستغرام عن تفاصيل آليّة تحويل الحليب إلى ألياف نسيجيّة موضحاً أنه من الضروري أولاً عزل الكازين قبل إضافة حمض لفصل جزيئات بروتين الحليب عن المادة السائلة للحصول على مسحوق.

يتمّ تحويل هذا الأخير إلى نسيج شبيه بالحرير يتميّز بنعومته وبقدرته على حفظ حرارة الجسم كما أنه غير مُسبب للحساسية. ومن المنتظر أن تجذب ألياف الحليب بسرعة اهتمام العلامات التجاريّة والمصممين العالميين الذين يبحثون عن بدائل للمواد الملوّثة التي ما زالت قيد الاستعمال.

المصادر :

تقرير خاص بموسوعة كيوبيديا