تحولات سوق الإعلانات على الصعيد العالمي
on- 2023-01-01 14:09:42
- 0
- 390
تتبدل سوق الإعلانات عالميا، مثلما تتبدل بقية الأسواق الأخرى، بحسب المتغيرات والتطورات، فضلا عن التشريعات الجديدة التي قد تظهر بين الحين والآخر. والسيطرة على هذه السوق ليست دائمة، علما بأنها لا تستحوذ على الإعلانات بصورة كبيرة إلا قبل عشرة أعوام فقط، حيث كانت الإعلانات المطبوعة لا تزال الأوسع انتشارا. وفي الأعوام القليلة الماضية، واجهت منصات هائلة مثل "ميتا" المالكة لـ"فيسبوك" و"واتساب"، ومعها "ألفابت" الشركة الأم لمحرك البحث الأهم "جوجل"، مشكلات عديدة من جراء تراجع زخم الإعلانات على منصاتهما، على الرغم من كل التحديثات و"المغريات" التي تقدمانها لمستخدميهما.
وهذا الأمر ليس غريبا، إذا ما أخذنا في الحسبان أثر التحولات التي تجري في هذا الميدان، وهي تحولات سريعة ومتلاحقة.
لا شك في أن المنافسة المتصاعدة لهاتين الشركتين تسهم مباشرة في خفض حصتيهما من السوق الإعلانية عالميا. ففي غضون الأعوام القليلة الماضية ظهرت منصات حققت نموا كبيرا على صعيد قاعدة مستخدميها، مثل "أمازون" و"تيك توك" و"مايكروسفت"، إلى جانب "أبل" التي قفزت حصتها بصورة لافتة في الفترة المشار إليها، على الرغم من أنها هي ذاتها تواجه رقابة شديدة على الساحة الأوروبية من جهة اتهامات لها بالاحتكار الخاص بالتطبيقات، وهي الآن ضمن نطاق التحقيقات الدقيقة. كان من الطبيعي أن تذهب نسبة من إعلانات "ميتا" و"ألفابت" إلى المنصات المشار إليها، خصوصا أنها تفدم خدمات محورية صارت أساسية لدى المتابعين في كل مكان حول العالم.
هاتان الشركتان تشهدان في الواقع تراجعا في هذا المجال منذ خمسة أعوام على وجه التحديد، بحيث وصلت حصتاهما بحلول نهاية العام الجاري إلى 48.4 في المائة، ومن المتوقع أن تواصل الانخفاض حتى منتصف العقد الحالي على الأقل.
لكن المنافسة ليست السبب الوحيد في تراجع الحصة الإعلانية لكلتا الشركتين. فالتحقيقات التي لم تنته بعد من جانب المشرعين الأمريكيين والأوروبيين بشأن الاحتكار، أضافت أعباء جديدة إلى كاهلهما، خصوصا أن الإجراءات التي قد تتخذ من جانب الجهات الرسمية لن تكون بسيطة، إلا إذا قبلت "ألفابت" و"ميتا" بالشروط التي ستفرض عليهما، وعلى رأسها عدم إعطاء الأولوية لمنتجاتهما على المنافسين، فضلا عن الرؤية الأوروبية بشأن عدم عدالة الإعلانات المبوبة في "ميتا".
صحيح أن شركة مثل "أبل" أخذت حصة كبيرة من السوق الإعلانية، إلا أنها تواجه مشكلات من هذا النوع هي الأخرى. أي أن "العيون التشريعية" لن توفر أي منصة عالمية بصرف النظر عن حجمها وقوتها وتأثيرها في الميدان الدولي.
تصل قيمة سوق الإعلانات الإلكترونية حاليا إلى 300 مليار دولار، وستواصل الارتفاع في الأعوام المقبلة، على الرغم من أن الشركات المعلنة خفضت في العامين الماضيين من زخم إعلاناتها، متأثرة بالطبع بالموجة التضخمية العالمية العاتية التي تصاحبها زيادة كبيرة في معدلات الفائدة. وستحاول شركات التكنولوجيا العملاقة المحافظة على مكاسبها الإعلانية بقدر ما تستطيع، لكن عليها أن تعترف بحقيقة، أنها لا تستطيع أن تقف في وجه "المد التشريعي" الذي لم يكن جديدا، لكنه صار أكثر فاعلية في الفترة الماضية. دون أن ننسى، أن الخدمات الإعلانية تتطور وفق المنصات الموجودة التي ستظهر في المستقبل. فحتى منصة الأفلام المعروفة "نيتفلكس" قررت الاشتراك مع "مايكروسوفت" لتقدم حسابات مدعومة بالإعلانات، ما يجعل مهمة الشركات التكنولوجية المعروفة أكثر صعوبة في المرحلة المقبلة.