عزف العرب عن لغتهم فماتت ملايين الكلمات

on
  • 2023-04-02 13:54:16
  • 0
  • 194

أكد الكاتب واللغوي د. مختار الغوث أن عزوف العرب عن ثراء لغتهم التي تناهز 12 مليون كلمة أحالهم إلى لغة ضعيفة لا تزيد عن 3 آلاف مفردة لا تعبر عن المعاني بدقة، مشددا على أهمية تدريس الطلاب بلغتهم ولاسيما في مراحل التعليم الأولى حتى يستوعبوا أصول العلم، محذرا من المسوخ التي طالت ألفاظ اللغة ومبانيها ودلالاتها، داعيا إلى "شرق أوسط" للعرب بديلا عن شرق الأوروبيين، وعالم لا يقتصر على دول دون أخرى، جاء ذلك في سياقات حديثه لبرنامج الليوان الرمضاني عبر قناة روتانا خليجية.

وقال: العامية قاصرة بالنسبة للغة الفصحى لأن نسبتها إليها الثلث، ومعان كثيرة جدا لا تعبر عنها العامية، فأدوات الجزم مثلا لم يبق منها سوى لا الناهية، ويقال أن العربية تزيد عن 12 مليون كلمة والمستعمل منها لا يزيد عن 3 آلاف كلمة، وهي ليست دقيقة في التعبير عن المراد، لتبقى الكلمات حبيسة المعاجم بعد العزوف عن استعمالها، وكل كلمة ليست دارجة على الألسن إذا استعملتها قيل أنك تتقعر وتقول ما لا يفهم، وكان ينبغي أن توظف الكلمات المعجمية في العلوم بدلا من رمي الفصحى بالقصور، مشيرا إلى معاناة العربية اليوم مما يعرف بالتضخم في اللغة ويراد به كثرة المفردات وقلة المعنى، أي أنه يمكن الدلالة على المعنى بعبارات أقل، وكذلك الجموع التي يمكن الاستغناء عنها بالمفرد "اسم الجنس الجمعي"، وظاهرة كثرة النسبة تأثرا باللغات الأجنبية والتي تتضح بجلاء في المغرب العربي لأنهم أميل إلى الترجمة الحرفية.

وتحدث عن المسوخ التي طالت اللغة ومنها: المسخ في الألفاظ وهو أن تستعمل الكلمة في غير معناها الصحيح ككلمة "مدرسة" اسم مكان ولكنها تستعمل اليوم ويراد بها المذهب أدبيا أو لغويا أو فقهيا "المدرسة المالكية أو المدرسة الشافعية"، وهذا لم يكن معروفا في العربية، بل في اللغات الأخرى كالإنجليزية والفرنسية، ويشمل المسخ في المباني "الكلمة أو الجملة، ومن ذلك القول الدارج "أنا أراه يوميا" وهذا المبنى ليس عربيا بل ترجمة حرفية للغات الأخرى، أما في العربية فنقول "أنا أراه في كل يوم"، وفي القرآن الكريم: "كل يوم هو في شأن".

وأضاف: من مسخ دلالات العبارات قولنا: "الحرب العالمية، الشرق الأوسط"، فمن يسمع بالحرب العالمية يظن أنها شملت العالم كله على حين أن الحرب كانت بين الدول الأوربية، أما البلدان الإسلامية فكانت في معزل عنها، فتسمية بعض دول العالم عالما وجعل الشعوب الأخرى تابعة لهذه الدول هذا من باب المسخ، وكذلك الشرق الأوسط هو أوسط بالنسبة لأوروبا، فينبغي أن يكون للعرب شرقهم كما أن للأوربيين شرقهم فليس كل شرق لأوروبا هو شرق لغيرها من دول العالم.

ودعا د. الغوث إلى التعلم باللغة العربية لا سيما في مراحل التعليم الأولى، وقال: تعلمنا باللغة الإنجليزية لا يعني أن نعلم بها لأن المسألة ليست تعصبا وإنما القضية نفسية معرفية، الذي أجمع عليه الفلاسفة وعلماء التربية أن الإنسان لا يستوعب العلم بلغة كما يستوعبه بلغته، والسبب أن نظام اللغة تحكم في عقله، ومهما عمل الإنسان العربي لا يمكن أن تكون الإنجليزية له كالعربية، وحتى نستوعب العلم يجب أن ندرس الطالب بلغته ولاسيما في مراحل التعليم الأولى حتى يستوعب أصول العلم وتصير عنده قاعدة يمكن أن ينطلق منها ويبني عليها، فاللغات وسائل للتعليم وليست غاية في ذاتها، هناك دول صغيرة كانت متخلفة وفقيرة كفنلندا، وكوريا الجنوبية نهضت لأنها تمسكت بلغتها.

ويعد د. مختار الغوث من أكابر أساتذة اللغة اليوم عمل في عدد من الجامعات السعودية، أثرى المكتبة العربية بالكثير من المؤلفات منها: الحرب الباردة على الكينونة العربية خمسة أجزاء، لغة قريش، الحقيقة والخيال في الغزل العذري والغزل الصريح، في بناء الفكر، الوجيز في العروض والقافية.

المصادر :

جريدة الرياض