أسباب قوة الإمبراطورية البيزنطية في وقتها
on- 2015-03-13 16:05:09
- 0
- 3477
الأيام دول يوم لك ويوم عليك، ومن سره زمن ساءته أزمان، فلماذا طال يوم الإمبراطورية البيزنطية حتى امتد إلى 1100 سنة، يجيب خبراء التاريخ لأنها أخذت بكل الأسباب المادية للقوة والنجاح، فيا تري ما هي هذه الأسباب .
عبقرية المكان
عندما تكون امبراطورية مترامية الاطراف، تضعف اهمية المكان بالنسبة لك لأنك ببساطة في كل مكان، يظل هناك استثناء واحد وهو عاصمة الإمبراطورية، يجب اختيار مكان العاصمة بعناية فائقة.
اختار الامبراطور قسطنطين أن ينقل العاصمة من روما إلى الشرق في سنة 330 ميلادية، وتم الأمر وبدأ بناء العاصمة في منطقة مطلة على مضيق البسفور، منطقة محاطة بالمياه من ثلاث جهات، منطقة تشرف على كل البضائع التي تدخل الامبراطورية من ممالك الشرق وتجبي عليها الضرائب بشكل مباشر ودون أي وسيط، منطقة قريبة من الأعداء ليتمكن الإمبراطور من الإطلاع على أخبار جيوشه واصدار الأوامر لقادتها بأسرع وقت ممكن، وسميت العاصمة روما الجديدة، قبل أن يطلق عليها القسطنطينية .
الدفاعات المنيعة
بعد الانتهاء من تشييد العاصمة، بني الإمبراطور قسطنطين أضخم جدار عرفته أوروبا في ذلك الوقت حول الجهة الغربية من العاصمة، وعلى الرغم أن الجهات الثلاث الأخرى كانت محمية بالمياه إلا أنه تم بناء جدران قوية لحمايتها وإن لم تبلغ ضخامة الجدار الغربي .
بعد اقل من مائة عام امتدت العاصمة وتوسعت إلى خارج الجدار الغربي فقام الإمبراطور ثيودوسيوس الثاني ببناء جدار جديد إلى الغرب من الجدار القديم بحوالي 1600 متر، ويمتد ما بين بحر مرمرة والقرن الذهبي .
إمتلاك أحدث الأسلحة وأشدها فتكا
من أفضل المميزات لكونك امبراطورية، هي وفرة الموارد التي تجعلك تستقطب خيرة العقول من شتى أرجاء الإمبراطورية لكي يعملوا لديك ويطوروا أقوي الأسلحة .
من أبرز هذه الأسلحة، النار الاغريقية وهو سلاح مرعب ومدمر اخترع سنة 674 ميلادية، وهو عبارة عن سائل محرق يقذف على سفن الأعداء فيحرقها بلا هوادة، ويظل السائل مشتعلا حتي عندما يلامس سطح الماء، سلاح أخر طوره البيزنطيون وهو المنجنيق الموازن وهو أكثر فاعلية وأكثر دقة من المنجنيق العادي .
الولاة المخلصين
من أشد المشاكل التي تواجه أي امبراطورية أو مملكة هي الخلافات الداخلية، وتأتي الخلافات الداخلية عندما يبدأ ولاة الأقاليم في تجميع القوة جيل بعد جيل حتي يظهر والي تغريه القوة التي يحوزها فيعلن العصيان على الملك .
حل البيزنطيين هذه المشكلة بإستخدام الخصيان في المراكز المهمة في الدولة، فهؤلاء الخصيان لا يمكن أن يكون لهم أولاد، وبالتالي لن يحدث تراكم للقوة، وبالتالي لن يحدث عصيان يهدد تماسك الامبراطورية البيزنطية .
الحنكة السياسية
تميز القادة البيزنطيين بالدهاء السياسي، فعندما يعادون مملكة ما يلجأون إلى سياسة فرق تسد، وعندما يخطبون ود مسئول أو أمير يقدمون أفضل الهدايا وأفخمها، وعندما يريدون ممارسة حرب نفسية ناعمة على زائر، يحضرونه إلى القسطنطينية ليذهل بمبانيها وعمرانها وثرائها، ثم يدخلونه إلى حضرة الإمبراطور حيث توجد أسود ذهبية ميكانيكية تزأر وطيور ذهبية تغرد، فيستقر في قلب الزائر أن هؤلاء القوم هم السادة الأثرياء الأقوياء .
استغلال الفايكنج
الفايكنج قوم مشهورون بالسلب والنهب بقواربهم السريعة القادرة على الإبحار في البحر والنهر، كانوا يسكنون الدول الإسكندنافية ثم توسعوا وأسسوا لهم دولة جديدة عاصمتها كييف في اوكرانيا حاليا، بحلول القرن التاسع الميلادي بدأ الفايكنج أول غاراتهم على القسطنطينية، بالطبع لم يستطيعوا اختراق أسوارها المنيعة، ولكنهم قتلوا ونهبوا ودمروا كل ما هو خارج الأسوار .
كان الفايكنج قوما أشداء ومحاربين لا يشق لهم غبار، فقرر البيزنطيين اغرائهم بالمال الوفير ليصبحوا مرتزقة يعملون لحساب القسطنطينية بدلا من أن يعملوا ضدها، تمكن بريق الذهب من اقناع الفايكنج بقبول العرض البيزنطي السخي، ولأعوام طويلة دافع الفايكنج عن الإمبراطورية البيزنطية وكأنها وطنهم الأم، وربحوا العديد من المعارك في سبيلها .
الإدارة الرشيدة
تميزت الإمبراطورية البيزنطية عن غيرها من الممالك في ذلك الوقت، بوجود إدارة مركزية تشبه الحكومات الحالية، فهناك الامبراطور وهناك رئيس الوزراء والوزراء والمدراء ونظام متقن يحكم كل كبيرة وصغيرة .
قسمت الإمبراطورية البيزنطية إلي أقاليم، وكان يوجد حامية عسكرية في كل اقليم، وهي مسئولة عن الأمور الإدارية في الإقليم، وكذلك عن توفير الحماية والأمن للإقليم، وتجنيد الجنود عند الضرورة، كذلك تميز الجيش البيزنطي بالإنضباط والتنظيم، وبتقديم تدريب ممتاز للجنود .
الاهتمام بالتعليم
عندما كانت أوروبا تغرق بالجهل والأمية، كانت الإمبراطورية البيزنطية تفخر بأن نسبة الأمية بين رعايها لا تزيد عن 30%، وهي نسبة لم تستطع الدول الأوروبية الوصول اليها إلا في القرن السابع عشر.
انتشرت المدارس في أنحاء الإمبراطورية، فاشتهرت مدن أنطاكية وغزة وقيسارية ونصيبين وسيراكيوز وروما بكثرة مدارسها، وارتفع عاليا اسم جامعة الإسكندرية بفضل تفوق خريجيها في علوم الطب والفلك والجغرافيا، تميزت مدينتا بيروت وأثينا بمدارس القانون، وبزتهم جميعا جامعة القسطنطينية التي أنشأها الإمبراطور ثيودوسيوس الثاني، كان التعليم متاحا للجميع، ولكنه لم يكن مجانيا، لذلك أغلب الطلاب كانوا من طبقة النبلاء والطبقة الوسطي