«أبها».. عناصر جذب طبيعية ومشروعات استثمارية
on- 2015-07-25 15:19:44
- 0
- 4175
تتصدر منطقة عسير قائمة الوجهات السياحية على مستوى المملكة، ومنذ سنوات ماضية كانت تعمل على تحقيق التنمية السياحية التي يقودها الأمير فيصل بن خالد بن عبدالعزيز أمير المنطقة رئيس مجلس التنمية السياحية، لإيجاد المساحة الكافية لإرضاء زوارها الذين يتوافدون إليها كل موسم سياحي من كافة مدن المملكة ودول الخليج، وتهيئة المكان بما يتوافق مع أجوائها وطبيعتها السياحية.
وبرزت مدينة أبها كمدينة سياحية اجتمعت الآراء على جمالياتها المختلفة جعلت كل الأنظار تتوجه إليها، إلى أن فازت بلقب جائزة عاصمة السياحة العربية 2017م من قبل المنظمة العربية للسياحة بجامعة الدول العربية، والتي جاءت كأولى ثمار مسيرة تنميتها السياحية، ومن خلال هذا التقرير، تكشف "الرياض" واقع المدينة السياحي، وتعود بالذاكرة وتستعيد "أبها" من كتب التاريخ، وتستعرض قصة تنميتها الحالية وما وصلت اليه.
أبها قديماً
تاريخياً، تباينت آراء عديدة حول اسم أبها، وأشارت كتب تاريخية بأنها كانت تحمل اسم (قيثاء) أو (غيثاء) وكذلك (أيفاء) أو (هيفاء)، كما كان يطلق عليها (مناظر) و(السراة)، وتؤكد المصادر ان اسم أبها كان موجوداً منذ أمد بعيد، واطلق عليها اسم (أبها) لحسن المنظر وللصفات الحسنة التي تتمتع بها، إلا أن المؤرخ حمد الجاسر قال: "لم يرد اسم هذه البلدة فيما اطلعت عليه من المؤلفات المشهورة، التي تعرضت للحديث عن عمران المدن، وتحديد مواقع المواضع، باعتبارها من المدن القديمة، وعدم ورود اسمها لا ينفي قِدَمَها، وقد يكون أقدم نصٍّ ورد فيه ذكرها هو ما جاء في كتاب (صفة جزيرة العرب) (1) للهمداني". ويرى بعض الباحثين أن مدينة أبها كانت تسمى في الماضي القديم باسم (أيفا)، وهو الموقع الذي كانت تحمل منه إبل بلقيس ملكة سبأ الهدايا إلى النبي سليمان، حيث كانت هذه المدينة منذ القدم مركزاً تجارياً مهماً، وإلى ذلك، فإن صلة هذه المدينة بالتاريخ تتجلى في مظاهر الأبنية القديمة والقلاع التي توجد بها والتي يعود عمر بعضها إلى مئات السنين، كما أن المدينة كانت فيما مضى تعتبر من أهم الأسواق التي يجتمع فيها سكان المنطقة من جبال الحجاز وسهول تهامة،
وهي ايضا مدينة تاريخية عريقة، فمازال يوجد بها بقايا قلاع قديمة رابضة على قمم الجبال مثل قلعة ذرة وقلعة شمسان وقلعة ابو خيال وقلعة الدقل. وتشير المصادر التاريخية ان مدينة أبها كانت عبارة عن حي واحد يسمى (مناظر)، ثم توالت الاحياء الاخرى ك (المفتاحة) و(القرى) و(الربوع) و(الخشع) و(القابل)، حتى اصبح عدد أحيائها حالياً أكثر من 50 حياً تقريباً، وتتميز مباني أبها بطرازها المعماري الفريد، حيث تبني المنازل بالطين ويوجد بها خطوط ونقوش لتزيين جدران المنازل، وقد امتدت يد الخير والنماء من قيادتنا الرشيدة فكانت اكثر اشراقاً وازدهاراً، لتصبح مدينة أبها ملهمة المبدعين، يتغنى بها الشعراء والفنانون، تلك المدينة التي تشعر عندما تراها بعلاقة حميمية، وتأسرك بجمالها الطبيعي الأخاذ، وبجوها الثلجي البارد الذي يحيطه الضباب ويبلل معطفه المطر.
مسيرة التنمية
في تاريخ 16 مايو 2007م الموافق 28 ربيع الآخر عام 1428ه تم تعيين صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن خالد بن عبدالعزيز أميراً لمنطقة عسير، ليكمل سموه ثماني سنوات من الجهد والتخطيط والعطاء، قدمها لأبناء عسير كأجمل صور وفاء القيادة الحكيمة لهذه المنطقة.
ولا شك ان ما تحقق كان ضرباً من الخيال، ولكن بعزيمة الرجال تبلورت الافكار وانبلج الحلم إلى حقيقة، وتحولت الاماني إلى شواهد حضارية، روضت المستحيل وحولت الجبال الشاهقة إلى منتجعات سياحية، تسكن في ظل الغيمة، وتتعانق مع كتل الضباب، وتفترش الحلة الخضراء.
فما نجده اليوم في عسير عامة وأبها على وجه الخصوص لم يأت محظ الصدفة أو من فراغ، بل بدعم من قيادتنا الرشيدة، وبتخطيط هندسي رائع من مهندس التنمية والانجازات الأمير فيصل بن خالد، فأصبحت أبها احدى اهم المدن بالمملكة بعد اكتمال بنيتها التحتية بكافة الخدمات.
ولم تقف التنمية في عسير إلى حد معين أو إلى نقطة نهاية، بل في كل عام تزيد الهمم بطرح أفكار تخلق مشروعات جديدة، جعلت من أبها مدينة عصرية تواكب بنهضتها تطلعات القيادة وتزامل مدن الوطن في تطورها وتنافس مدن العالم السياحية.
مبادرة سياحية
بمتابعة وتوجيه صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن خالد بن عبدالعزيز، حققت منطقة عسير نجاحا كبيرا منذ البدء في تنفيذ مراحل مبادرة (عسير وجهة سياحية رئيسة طوال العام) التي أطلقها سموه نهاية عام 2013م مع عدد من شركاء المبادرة. حيث استطاعت المنطقة العمل على ما تضمنته تلك المبادرة من ثلاث خطط لتنفيذها، وهي الخطة الآنية للمبادرة 2014م، والخطة المتوسطة 2015م، والخطة طويلة الأجل ما بعد 2015م، للوصول إلى الهدف المنشود في العام 2020م، الذي يجعل من عسير أفضل وجهة سياحية في المملكة.
وقد حرص الأمير فيصل بن خالد على نجاح تلك المبادرة، التي تعنى بتطوير السياحة بالمنطقة بشكل مستدام، في ظل المقومات والإمكانات السياحية التي تتميز بها، بفضل ما وصلت إليه من تطوير في بنيتها التحتية، التي تم من خلالها إنشاء العديد من المشروعات السياحية،
منها ما تم الانتهاء منه فيما البعض مازال العمل جاريا فيه، حيث ساعدت شبكة الطرق الحديثة المرتبطة مع جميع مناطق المملكة بسهولة الوصول والتنقل إلى المنطقة، بالإضافة إلى توافر الرحلات الجوية الداخلية مع المدن الرئيسية كافة ودول الخليج عبر مطار أبها الدولي الذي يتم حاليا تطويره ضمن المبادرة لإستيعاب رحلات أكبر دولية وكذلك أعداد للزوار. وأكد أمير منطقة عسير في مناسبات عدة أن المنطقة نجحت خلال الأعوام الماضية في استقطاب عدد كبير من الزوار، في ظل الخدمات والمقومات السياحية التي تتمتع بها، وما تقدمه من برامج وفعاليات سياحية متنوعة وجدت قبول كافة الزوار، وأشار الأمير فيصل بن خالد الى أن عسير لن تتوقف عند حد معين لمفهوم السياحة، بل ستعمل على استمرارية التنوع وإيجاد كل جديد يلبي رغبات الزوار بكافة فئاتهم العمرية.
مشروعات المبادرة
وعلى ضوء مبادرة "عسير وجهة سياحية رئيسة طوال العام"، أعطت توجيهات أمير منطقة عسير صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن خالد مساحات تنموية كبيرة تنافست فيها العديد من القطاعات الحكومية لتقديم أفضل الخدمات لأهالي وزوار منطقة عسير، وقد أطلقت الجهات ذات العلاقة حزمة من المشروعات التي تخدم السياحة في جميع مناطق الاستقطاب بالمنطقة، حيث عملت أمانة منطقة عسير على تنفيذ مشروعات عدة منذ إعلان المبادرة، كان من ضمنها مشروع تطوير متنزه السودة، وحديقة المطار، ومشروع المطل الشمالي، ومشروع كورنيش الضباب، وتطوير وسط أبها، وحلم أبها، وكذلك مشروع تطوير مطار أبها، وتطوير الواجهات البحرية للمنطقة، لتفعيل السياحة الشتوية. واهتم سمو الامير فيصل بن خالد بالمجال السياحي، وأكمل مسيرة مشروعات التنمية السياحية، حتى اصبحت منطقة عسير كافة "البيت الاول للسياحة"، ليس على مستوى المملكة فقط، بل على مستوى دول الجوار والدول العربية، لما حبا الله هذه المنطقة من طبيعة خلابة، ومناخ معتدل وحياة برية نادرة، ومشروعات سياحية عملاقة تضاهي مثيلاتها في العالم، ف أبها لها تجربة عريقة ورائدة في مجال السياحة والاصطياف منذ سنوات عديدة، في ظل وجود المعطيات الطبيعية كجانب مهم، إضافة إلى أنها باتت تمثل سياحة الثقافة والترفيه والرياضة والمؤتمرات والندوات، وكذلك معرض مفتوح لفرص الاستثمار السياحي المزود بكل ما يحتاجه المستثمر، وهذا ما حقق لها لقب عاصمة السياحة العربية 2017م.
عناصر جذب
يوجد داخل مدينة أبها الكثير من عناصر الجذب السياحي، إضافة إلى ما تمتلكه المواقع السياحية التي تحيط بها من كل اتجاه، ويعتبر جبل ذره "الجبل الأخضر" من أبرز المعالم في المدينة، لارتفاعه وإطلالته على معالم المدينة وسهول ووديان تهامة، كل هذا جعل الشركة الوطنية للسياحة تسعى للاستفادة من هذا الموقع، لما يتميز به من مقومات يمكن استثمارها لخدمة المصطافين والمقيمين.
وقد تم اختيار عناصر المشروع لكي تلبي الاحتياجات المطلوبة من الاستراحات المغلقة والمفتوحة والخدمات الترفيهية، بالإضافة إلى مطاعم الدرجة الأولى والخدمات المساندة والمسجد، والمواقف، والحدائق والممرات المرصوفة، كما أن المشروع يتصل بمشروع أبها الجديدة عبر العربات المعلقة، حيث تمكن مشاهدة مدينة أبها ومناظر وديان تهامة الخلابة.
وعلى ضفاف أبها غرباً تقع مدينة أبها الجديدة التي تتربع على بحيرة سد أبها، وتحتضن أكبر فندق سياحي بالمنطقة، وعددا من الفلل السكنية، وكذلك مدينة ألعاب مائية، وحدائق عامة موصولة بالعربات المعلقة.
وعلى ارتفاع 2800 متر تقريباً تقع السودة، وهي تبعد من مدينة أبها 20 كلم، وتتميز بغطائها الكثيف من اشجار العرعر، وطبيعتها الخضراء طوال العام، وتحتضن متنزه الملك عبدالعزيز، وتضم العربات المعلقة (التلفريك) الذي يحتوي على 14 عربة مجهزة بأحدث وسائل الراحة والسلامة، بمسار طوله سبعة كلم بعمق ألفين متر، وتصل منطقة تهامة بجبال السروات، لخدمة الزوار والمقيمين والمصطافين.
وعلى بعد 55 كلم جنوب شرقي أبها تقع الحبلة، والتي تعتبر من أهم مناطق الجذب السياحي، لما تتميز به من قطوع في الجبال بشكل عمودي، وتضم منتجعا سياحيا متكاملا، إضافة إلى العربات المعلقة، وعلى بعد 30 كلم جنوب أبها تقع الفرعاء، وهي منطقة منبسطة تغطيها غابة من أشجار العرعر.
المتاحف والآثار
ولم يعد الزائر لمدينة أبها يقتصر بالتمتع بما حبى الله المنطقة من تباين بالتضاريس، بل أصبح يدرك ايضاً ان أبها انفردت بسياحة الموروث، وذلك بما تكنزه من ارث للإنسان والمكان، مما زاد التقدير لقيمتها التاريخية في ضوء استيعاب متطلبات الصناعة السياحية التي تتنامى سنوياً، ومن أهم المتاحف في مدينة أبها التي تنقل الزائر إلى الماضي العريق - إضافة إلى قرية المفتاحة - متحف شدا. فكان (قصر شدا) الذي شُيِّد عام 1930م، من أكبر المتاحف الموجودة في منطقة عسير، ويتوسط مدينة أبها بجوار مبنى امارة عسير، وهو عبارة عن بناء قديم مكون من أربعة طوابق، ويعد اليوم متحفاً شعبياً يُعنى بتراث المنطقة، ويقدّم خدماته للزوار والمصطافين وطلاب المدارس والوفود الرسمية والباحثين.
وفي الجهة المقابله لشدا غرباً يقع (قصر المفتاحة) الأثري بطوابقه الثلاثة والذي شيد منذ 150 سنة، وهو الآن أحد معالم منطقة عسير الأثرية التي يقصدها أبناء المنطقة وزوارها. كما أن مدينة أبها يحيطها العديد من الآثار التي تجتذب زوار المنطقة، ومنها مدينة (جرش) على طريق خميس مشيط نجران، وتضم بقايا البناء المعماري القديم الذي تركه اهلها (اليشكريون)، ممثلاً من الحجارة الزهرية الضخمة التي تستعمل في البناء، وتكثر فيها النقوش وبعض الادوات القديمة، ويتوسطها جبل (حمومة) المعروف بآثاره. ومن الاماكن الاثرية في أبها (هضبة العروس)، وهي عبارة عن جبل تغطيه الصخور السوداء اللامعة، ويوجد بجهته الشمالية الشرقية رسوم ونقوش وكتابات قديمة، ورسوم منقوشة لحيوانات مختلفة، وصورة بارزة لعروس داخل هودج، لذلك سميت بهضبة العروس، وهي تقع بالقرب من مدينة أبها بقرية الدارة.