• |

دعوه يفوزُ بغنيمتِه

‏لا ينبغي أن نُقلِّل من شأن أولئك الذين يعملون في صمتٍ، ويجتهدون في الخفاء لأجل الخير، دون أن يُظهروا أنفسهم في مواطن الضوء، أو يطلبوا توثيقًا ولا شهرة.

‏إنهم أولئك الذين آثروا العمل لله خالصًا، فغابوا عن عدسات التصوير، ليكونوا أقرب إلى الله.

‏فهؤلاء، وإن غاب ذكرُهم في مجالس الناس، فإن الله جلّ جلاله قد كتب أسماءهم في سجلّ المخلصين، وجعل لهم نصيبًا من الأجور العظيمة، لأنهم صدقوا في العمل، وابتغوا وجهه وحده، إذ لا يقبل الله إلا ما كان خالصًا لوجهه الكريم، لا يُراد به جاهٌ، ولا يُطلب به متاعٌ فانٍ.

‏ومن أسمى تلك الأعمال: الإصلاح بين الناس، والعفو عن السجين المحكوم عليه بالقصاص.

‏وفي هذا الصدد فإن النفوس تتباين في المقاصد، ففريقٌ يجعل وجه الله غايته، وفريقٌ آخر يخلط العمل الصالح برغبةٍ خفيّة في الظهور.

‏فتراه يُدرج النشر الإعلامي في العمل الخيري ليُقال عنه: إنه من أهل العفو والفضل والإحسان!

‏وهو في الوقت ذاته يُخفي رغبةً في أن يُرى ويُشاد بفعله، ناسياً أن الله لا تخفى عليه خافية، كما قال تعالى:

‏﴿ قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ ﴾.

‏ويا للعجب! كم من مخلصٍ خسر إخلاصه حين التفتَ إلى ثناء الناس!

‏كم من عافٍ عن قاتلٍ قال بلسانه: “لوجه الله”، ثم أضاع أجره حين أفسد عليه الآخرون إخلاصه، بمهرجانات التكريم والهدايا والمواكب والعدسات!

‏هؤلاء لا يدرون أنهم يُحرمون أخاهم ثوابًا عظيمًا وعد الله به من قال فيهم:

‏﴿ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ﴾

‏ولم يقل: العافين من أجل الناس!

‏فيا كل مصلحٍ، ويا كل عافٍ،

‏اجعلوا أعمالكم لله خالصة، لا نصيب فيها لمدحٍ ولا لمكانةٍ ولا لتصفيقٍ عابر.

‏اعملوا بصمت، واتركوا الأثر لله وحده، فهو الأعلم بمن أخلص، وأصدق، وأخفى.

دعوا العافي يفوز بغنيمته… دعوه ينال جزاءه العظيم من الله ، كما أراد.

 

جلعود بن دخيّل

28- 4- 1447هـ

الكلمات الدلالية :

المشاركة السابقة

التعليقات ()

  1. لا تتوفر تعليقات بالوقت الحالي

برمجة وتصميم ATMC TECH