• |

كيو بيديا العالمية.. جسرٌ سعوديٌ لربط الحضارات

في زمنٍ تتسارع فيه المعرفة، وتضيق فيه المساحات أمام التوثيق الموثوق، برزت موسوعة كيو بيديا العالمية (Qpedia) كأحد المشاريع الثقافية والمعرفية السعودية التي تجاوزت حدود المبادرة الفردية لتصبح عملاً مؤسسيًا ذا أثر وطني وعالمي.

هذه الموسوعة التي انطلقت عام 1437هـ من المملكة العربية السعودية، تحمل رؤيةً طموحةً تسعى إلى بناء مرجعٍ معرفيٍّ شاملٍ يجمع التراث والثقافة والتاريخ والعلوم، ويقدّمها للعالم بلغاتٍ متعددة، لتكون نافذةً مشرقةً تعكس روح المملكة وثراءها الإنساني والحضاري.

لم تولد كيو بيديا كفكرةٍ عابرة، بل جاءت استجابةً لحاجةٍ معرفيةٍ وثقافيةٍ ملحّة، يقودها إيمان مؤسسها والمشرف العام عليها الزميل الأستاذ جلعود بن دخيل بأن المعرفة لا تكتمل إلا حين تُوثَّق وتُنشر وتُتاح للجميع. 

ومن هذا المنطلق، عملت الموسوعة على تقديم محتوى علميٍّ وثقافيٍّ رصينٍ يخدم القارئ في السعودية وخارجها، ويُبرز الوجه الحقيقي للثقافة السعودية في أبعادها التاريخية والتراثية والإنسانية.

ولأن الجهد المؤسسي يحتاج إلى رؤيةٍ داعمة، فقد حظيت الموسوعة برئاسةٍ فخريةٍ للأستاذ فيصل بن عبدالله الراجحي اعتباراً من 23 أكتوبر 2025، وهو ما يعكس إدراك رجال الأعمال والمثقفين لأهمية دعم المبادرات الوطنية التي تعزّز مكانة المملكة في مجالات المعرفة والثقافة والإعلام. كما حازت الموسوعة على التراخيص الرسمية من وزارة التجارة ووزارة الإعلام، ما منحها صفةً رسميةً وثقةً مؤسسيةً جعلتها قادرةً على المضيّ في رسالتها تحت مظلةٍ تنظيميةٍ واضحة.

ولعل ما يميز كيو بيديا عن غيرها من الموسوعات هو قدرتها على الجمع بين الميدان والمعرفة الرقمية، إذ لم تكتفِ بالعمل المكتبي أو الاعتماد على المصادر الثانوية، بل خرجت إلى المناطق والقرى والسهول والجبال لتوثّق التراث من نبعه الأول. نفّذت زياراتٍ ميدانيةً شملت مناطق القصيم والباحة وعسير وغيرها، واستقطبت شخصياتٍ محليةً ومهتمين بالتراث والثقافة لتسجيل الروايات والمعلومات التي تشكّل ملامح الذاكرة الوطنية.

هذه الزيارات لم تكن مجرد توثيق، بل كانت حواراً  مفتوحاً بين المعرفة والميدان، بين الصورة والكلمة، وبين التراث والحداثة.

كما تبنّت الموسوعة مفهوم “السفراء الثقافيين” الذين يسهمون في نقل رسالة كيو بيديا إلى المجتمع والمناطق المختلفة، ويعملون على تعزيز المشاركة المجتمعية في إثراء المحتوى. ففلسفتها تقوم على مبدأ التشاركية، الذي يتيح للمستخدمين إضافة المحتوى وتحريره ضمن سياساتٍ دقيقةٍ تضمن جودة المعلومة ومصداقيتها، وتحقّق التوازن بين الانفتاح والضبط المهني.

ورغم أن الطريق أمام موسوعة كيو بيديا ليس سهلاً، نظراً  لتحديات التوثيق والمراجعة والتنافس مع الموسوعات العالمية الكبرى، إلا أن الفريق القائم عليها يعمل بإصرارٍ على تجاوز هذه العقبات عبر وضع آلياتٍ دقيقةٍ للتحقّق من المعلومات، وتحديث المحتوى بشكلٍ مستمر، والسعي إلى التوسّع بلغاتٍ جديدةٍ تضمن وصول رسالتها إلى جمهورٍ أوسع.

لقد نجحت كيو بيديا في أن تكون أكثر من مجرد موقعٍ إلكتروني، فهي مشروعٌ وطنيٌّ بثوبٍ عالميّ، يجسّد التقاء الطموح السعودي بالمعرفة الإنسانية. وبين صفحاتها الرقمية تتجلّى صورةُ وطنٍ يعتزّ بتراثه، ويؤمن بأن المستقبل لا يُكتب إلا بمعرفة الماضي.

إنها قصةُ جهدٍ صادقٍ ينطلق من أرض المملكة ليضع بصمته في فضاء الثقافة العالمية، مؤكدةً أن المعرفة حين تُبنى على رؤيةٍ وطنيةٍ ومصداقيةٍ ميدانية، فإنها تتحوّل إلى جسرٍ يربط الحضارات، ويصون الذاكرة، ويمنح الحاضر معنىً أعمق.

الكلمات الدلالية :

المشاركة السابقة

التعليقات ()

  1. لا تتوفر تعليقات بالوقت الحالي

برمجة وتصميم ATMC TECH