انتقاء الكتاب أهم من قراءته

on
  • 2016-04-10 13:40:51
  • 0
  • 1236

التسوق بحد ذاته متعة وهواية للكثير من البشر، وكثيرا ما احاول تفسير ظاهرة الاستمتاع به على أي حال، وهي ليست موضوعي الآن ولكنها ذات صلة مباشرة به، والتسوق في متجر الكتب أو معرض الكتاب بين أكوام وأرتال من الكتب والمنشورات والمجلات والموسوعات يتسم بنفس الأبعاد النفسية للتسوق أيضا، سألني أحدهم عن رغبتي في زيارة معرض الكتاب المقام مؤخرا في الرياض وأخبرته أنني أرى وجهة نظر تختلف عما يراه كثير من الناس عند التوجه للمعرض وقد يوافقني الرأي كثير ممن يتسمون بنمط شخصية سريعة التشتت، وأنا منهم أولئك الذين اذا تنوعت الخيارات أمامهم فقدوا الرغبة في اختيار أحدها، وهذا ما جعلني اتعرض في بداية المقال للتسوق وظاهرة الاستمتاع به إذ انني ممن يشعرون بسعادة غامرة عند مغادرة الأسواق وانتهاء معاناة التشتت والحيرة التي تنتهي غالبا بالتسلل من بين الزبائن والرحيل بسرعة.

وكذا الأمر ينطبق على شراء الكتب أو انتقائها، وهي في تنوعها مثل السلع الوانا واحجاما وخامات مختلفة، فحين تجول في معرض او متجر كتب تقتنصك العناوين الرنانة، وتجذبك التجليدات الفاخرة، وتقوم دور النشر بنصب فخاخها الترويجية لاصطياد حمقى التسوق الذين يستمتعون بالتجمهر على أي صعيد وتتبع الموضة والحدث.

القراءة ليست إلا وسيلة اطلاع ومعرفة مثلها مثل مشاهدة الافلام الوثائقية او الاستماع لمحاضرة أو مشاهدة التلفاز، وهذه الوسيلة لها نمطها وطريقتها وطقوسها للانتفاع بها، والراغب في ممارستها يجب أن يتحلى بالرغبة وأن يقوم بتهيئة امكاناته لها.

قبل القراءة عليك أن تقوم بتقدير ثلاثة أمور (الاهتمامات، المستوى، الوقت) كالتالي:

أولا: يجب عليك أن تعرف ما هي اهتماماتك والمواضيع التي تناديك نفسك لمعرفتها والاستمتاع بها، فأنت لن تقرأ أي شيء عن أي شيء وحتما ستقدم على انتقاء كتب تناسب اهتماماتك وشغفك، ولذلك يجب أن تفكر بهدوء في أي المواضيع تجد نفسك أنسها ومتعتها، فهناك من يحب التاريخ العربي والاسلامي ويتتبع قصصه وأحداثه، وهناك من يحب الأدب وهناك من تتوق نفسه للاطلاع على السياسة وأحداثها وهناك من تعجبه الروحانيات وبعضهم يهتم بالعلوم الادارية والمالية والأعمال وهناك من يهوى علم النفس وسبر أغوار الشخصية والتأمل في السلوكيات وتطويرها، ويجب على من يرغب أن تكون القراءة طريقته للمعرفة والاطلاع أن يحدد أي المجالات سينتقي كتبه في مضمارها.

ثانيا: بعد تحديد مجال اهتمامك يجب أن تعترف بمستواك المعرفي في هذا المجال فإن كان ضعيفا فابدأ بصنع قاعدتك المعرفية في هذا المجال فليس من الحكمة أن تشتري كتاباً عن التشفير الرقمي وأنت لا تعلم شيئا عن التكنولوجيا وليس من الحكمة أن تقرأ كتابا عن الاعجاز البلاغي في القرآن وأنت لم تعرف البلاغة وصورها، إن تحديد مستواك المعرفي سيسمح لك عند انتقاء الكتب أن تحصل على غايتك وأن تستمتع بقراءتها وأن تنمي المعارف والثقافة بداخلك.

ثالثا: يجب عليك أن تخصص وقتاً محددا لممارسة هوايتك في الاطلاع باستخدام القراءة، إن تخصيص ورد يومي أو اسبوعي للقراءة سيجعلك تنضبط في ممارستها، ويخلق لك فرصة التقدم في انجاز كتبك التي اقتنيتها، وكثير ممن يشترون الكتب تمر بهم الأيام والشهور لم يقرؤوها.

وأنصح دائما قبل التوجه لشراء الكتب بالبحث في الانترنت عن الكتب المميزة في المجال الذي ترغب الاطلاع عليه، وكتابة قائمة بها لشرائها، كما أنصح بعدم الانجرار خلف العناوين الرنانة قبل تقليب الكتاب والاطلاع على بعض صفحاته أو فهرسه.