عيون الجواء

on
  • 2021-12-07 13:48:31
  • 0
  • 2740

 لمحافظة عيون الجواء في منطقة القصيم مكانة مميزة بين محافظات وبلدان المنطقة لما تحمله من ارث تاريخي عريق ما زالت آثاره موجودة إلى وقتنا الحالي.

فهي جزء من منطقة الجواء، التي تحظى بأهمية تاريخية بين بلدان شبه الجزيرة العربية، حيث استوطنتها قبائل عربية عريقة منها قبيلة (عبس) قبيل الإسلام التي ينتسب إليها الفارس والشاعر العربي الشهير عنترة بن شداد، وتغنى بها قدامى الشعـراء في قصائدهم ومنهم امـرؤ القيس وزهير بن أبي سلمى وعنترة بن شداد، وقام على أرضها كثير من المعارك بين القـبائل منها حرب داحس والغبراء التي استمرت أربعين سنة بين قبيلتي عبس وذبيان.

التسمية:

سميت بالعيون نسبة إلى عيونها الدارجة سابقا ومائها الوفير جاهليا وإسلاميا. لهذا كانت محطة معتبرة من محطات طريق حاج البصرة المشهور.

تاريخياً

عيون الجواء قديمة العمارة لتواجد الآثار الجاهلية فيها خاصة أبارها القديمة والكتابات الأثرية المتناثرة على الجبال القريبة منها ويظهر أن إعمارها ظل متواصلا بعد كونها محطة للحاج فأصبحت لتوسط موقعها بلدة مهمة لما حولها واعتبرت قاعدة لناحية الجواء، وقد أحيطت قديما بسور ذي أبراج قوية ولها سوق معروف كبير يقصده التجار والحرفيون من كل مكان.

 من أمثال أهل عيون الجواء 

 • مضحى أهل العيون

عرفه أهل القصيم بهذا التعبير ويقصد به أهل عيون الجواء وأصل المثل أن جماعة من شبانهم من غير الأثرياء ذهبوا في صحبة قافلة من أهل نجد إلى العراق بحثا عن العمل هناك وليس معهم ما مع المسافرين الواجدين من زاد السفر عدا بعض التمر. وقد منعتهم عزة النفس أن يطلبوا زادا من غيرهم يحتاج إلى طبخ فإذا نزلت القافلة ضحىً وهو ما يسمى بـ (المضحى) وذهب الناس يطبخون ما معهم من طعام وأدام، جلس اولئك الشبان في طرف من المنزل وأوقدوا نارا ونصبوا قدرا ليس فيه إلا قليل من الماء وجلسوا حوله ليوهموا الناس بأن لديهم طعاما يطبخونه مثل غيرهم لأنهم إذا لم يفعلوا ذلك عرف الناس بحاجتهم. وقد حملهم على هذا العمل عزة النفس ولئلا يمتن عليهم أحد بطبيخ وهم يحملون ما يقيم أودهم من التمر، وعرف بين الأهــالي بـلــفــظ (مضحى الجماعة).

• الدرب فوقاني

يعرف بالجواء واصله ان رجلاً منهم ذهب الى عنيزة لبيع جمل معه، ولما باعه وعاد الى بلده وقد اشترى حذاء وبشتاً وشماغاً وعصا جدداً واثناء مروره بالوادي (وادي أبو علي) مابين بريده وعنيزة اعترضه لص طمع بما معه وما عليه من لبس وحذاء فأراد ان يحتال عليه في سرقة ما معه وطلب منه بلطف ان يخدم نفسه ويأكل من ثمار نخلة اشار إليها ظناً منه انه سوف يتخفف مما معه ويضعه عند جذع النخلة حين الصعود الى فرعها ليـــــأكل من ثمارها، فتكون الفرصة جيدة للص في اخذ ما يدعه على الارض وهو في اعلى النخلة. الا ان الرجل أدرك بذكائه حيلة اللص الذكية فأخلف ظنه حينما تمنطق بشماغه وغرس على ظهره عصاه واناط به حذاءه وجعل بشته (مشلحه) مما يلي بطنه وجميعها مربوطة على ظهره وبطنه بالشماغ، وابتدأ بصعود النخلة ولما شاهده اللص هذا المنظر المتحفز من الرجل طلب منه ان يتخفف مما معه فيدعه على الارض حتى ينزل فرد عليه بذكائه اخاف يصير الدرب فوقاني - أي اذا انتهيت آكلاً اقفز من اعلى النخلة الى رأس الكثيب الرملي الممتد في علوه والمعترض طريق عودتي فضحك اللص من ذكائه وادرك ان حيلته به بطلت. ويضرب هذا المثل في الرجل الذي يريد ان يبين لصاحبه ان حيلته مكشوفة ولا يمكن ان تنطلي عليه.

آثار عيون الجواء

البلدة القديمة

 وهي نموذج رائع وجميــل للبــلدان النجـــدية القديمة لا زال جـــــزء كبيـــر منها صــامدا على حاله التي كان عليها، وتشتمل على مبانٍ جميلة وأزقة متعرجة ضيقة بعضها مسقوف. وتتكون البلدة القديمة من عدد من الأحياء السكنية التي كان كل منها يحمل اسما يميزه عن الآخر وهي متقاربة جدا ومنها: اللحايق -البلاد -المالكة -الحيالة -حرشان -الصفا -عوجان -المنارة – المعلق.

ومنازل البلدة القديمة بنيت من الطين الذي يجلب من مكان يسمى (المطينة)، ويخلط بالتبن وينفذ على شكل لبن، ويضاف إلى أساسات المنزل الحجارة التي تجلب إليها من أماكن قريبة من البلدة لتكون قوية وتتحمل البناء، ويحرص البنَّاء (الاستاد) على اضفاء لمسات جمالية على بعض المنازل التي يقوم بتنفيذها فيقوم ببناء الشرف على سور المنزل ويزين واجهاتها بالزخارف الجبسية والاشكال الهندسية الجميلة.

وأبواب المنازل ونوافذها مصنوعة من الخشب إما جذوع النخل (السيقان) أو خشب الأثل أو هما معاً وتزين غالباً برسومات وألوان مميزة

وتتكون غـــــالب منازل البــــلدة القــديمة من مجــــلس للضيـــــــــوف يسمى (القهوة) وغرف للنوم وصالة وتسمى (القبة) ومطبـــــــخ وغرفة لحفظ الأطعمــــة (صفة) وحوش صغير (الليوان).

ويعتبر مجلس الضيوف (القهوة) أهم المكونات في المنزل لذا يقوم صاحب المنزل بزيادة مساحته عن باقي الغرف ويضيف إليه احتيـــــــاجاته من اوجــــــار (مكان ايقاد النار) وكمار لوضع الأواني التي يحتاجها وفتحات للتهوية، ويزين المجلس بالزخارف الجبسية والهندسية المنفذه بدقة وعناية.

الجامع القديم:

يتميز مبنى الجامع القديم بجودة العمارة وجمال التصميم الداخلي، ويتميز أيضًا بمساحته فهو كبير وواسع ذو سقف مرتفع وفيه عقود وأعمدة وسواري بنيت بشكل هندسي جميل، وله سرحة بنيت على طرازه وتقف في أحد جوانبه منارة دائرية الشكل شامخة وجميلة. وتكمن أهميته في قدمه. فهو قديم جداً ولا يعرف أحد من كبار السن ذكراً لتاريخ بنائه. وقد رمم عام 1328هـ وأعيد ترميمه عام 1371هـ.

ويتكون من عدد كبير من الأعمدة المربوطة بأقواس مجصصة ومزخرفة زادت من روعة وجمال المسجد.

 الكتاتيب:

ملحق صغير بالجامع القديم كان صغار الطلاب يتلقون تعليمهم الأولي فيه مثل القرآن الكريم ومبادئ القراءة والكتابة، ويقع ملاصقا للجامع القديم من جهة القبلة، وقد قسم إلى قسمين داخلي مسقوف وله مصاطب للجلوس (حبوس) وفناء صغير ملحق به وأحيانا يلحق به عريش من سعف النخيل عندما يزيد عدد الطلاب الدارسين فيه.

وقد كان التعليم في عيون الجواء يقوم على الكتاتيب كما هو الحال عند أهالي نجد، وقد كان في عيون الجواء عدد من الكتاب يقوم فيها المعلمون والمعلمات باختيار موقع اما في منزل المعلم أو في مكان عام أو في المسجد ويدرسون الطلاب والطالبات فيها.

والمعلم غالبا ما يكون متفرغا للتـــدريس وينال مكافأة من أهــالي الدارسين كل على قدر استطاعته وفي مــواســم مــعــروفة أو حين ختم الدارس للقرآن أو جزء منه.

ومتى ما جــــــــوّد الدارس القـــــرآن تـــلاوةً يُعين المعلم (المطوع) يوماً لإعلان ختمه "القرآن الكريم"، فمن الصباح الباكر يلبس الدارس أجمل ثيابه ويعطيه المطوع دعاء ختم القرآن الكريم يتلوه وزملاؤه من ورائه يؤمنون على دعائه والجميع في مسيرة محترمة من المدرسة حتى بيت الدارس، فيتلقاهم أولياؤه بكل فرح وسرور وقد أعدوا لهم ما يتيسر من مأكل إذا كانوا ميسوري الحال.

أو يقفون امام بابهم ليلقى عليهم من أعــلى السطح (قرصان الفتيت) أو شـــــيء من حب القرع (الدباء) المجفف والمحموس أو من تمر اليبيس (سكري) وتسمى هذه الطريقة بعيــــون الجــــــــواء بالبـــــــــذاذ لأنهم يبذونه من اعلى اي يلقونه عليهم ليلتقطه زملاؤه، المهم ان يعود زملاء الدارس الذي عمل له هذا الموكب المشعـــــــر بنجاحه وهم يمضغون شيئاً لذيذاً.

وقد يقدم للمعلم (المطوع) مَلْبَسٌ جميل خاصة إذا كان والد الدارس ممن يضرب في الأرض ويسافر ضمن رحلات العقيلات للتجارة.

 

السوق الشعبي(المجلس):

سوق شعبي قديم يعد نموذجاً لأسواق القرى النجدية الكبيرة، ويقع قرب الجامع القديم، وقد نفذ على نمط الأسواق الاسلامية القديمة في متسع من الأرض وتحيط به الدكاكين من جميع جهاته وتنتهي إليه رؤوس الشوارع العامة في البلد وعلى أغلب محلاته مظلات (عريش) ويوجد فيه ما يقرب من (50) خمسين متجراً، ويسمى قديما بـ (المجلس)، وقد كان يعج بحركة تجارية كبيرة كونه يخدم بلدان شمال غرب القصيم.

فكان مقصدا للباعة لتصريف منتجاتهم في ذلك الزمن من الألبان والسمن والبقل والماشية، اضافة الى وجود الحرفيين من نجارين وحدادين وخرازين وباعة أقمشة.

المدرسة القديمة:

نموذج واقعي لبداية التعليم النظامي بفصولها وطاولاتها وسجلاتها القديمة، أسست عام 1369هـ، وقد تقلد عدد ممن درس فيها مناصب كبرى في الدولة وحصلوا شهادات عليا من داخل وخارج المملكة.

المزرعة التراثية:

مزرعة قديمة تستخدم فيها ماكينة قديمة لاستخراج الماء من البئر وتوزع عبر سواقٍ لسقي المزروعات المتنوعة بالطريقة التقليدية.

المرقب:

برج قديم وأثري يقوم على أعلى أكمة في عيون الجواء من جهة الجنوب الشرقي، وكان بناؤه دائري الشكل ومن عدة أدوار وطبقات وقد تهدم منها الكثير وبقي من ارتفاعه حوالي عشرة أمتار. وكان يستخدم في مراقبة المدينة ومحيطها، وجدد بناؤه عدة مرات منها عام 1100 أي قبل حوالي 300 عام تقريبا، كما أعيد ترميمه مؤخرا ليكون معلما بارزا من معالم عيون الجواء.

 ويمكن للزائر أن يشاهد من خلاله عيون الجواء من جميع أطرافها إضافة إلى البلدان القريبة منها.

الآبار القديمة:

في عيون الجواء عشرات الآبار العميقة المنقورة في الصخر وبعضها مطوي بالحجارة بشكل فني وجيد، وهي قديمة جداً، ولا يعرف لها مستنبط ويسميها الأهالي جاهلية إلا أن ملكيتها يتناقلها أصحاب المزارع ضمن مزارعهم، وكثيراً ما يعثر صاحب المزرعة على بئر مطمورة إما عمداً أو هجرت على مر السنين وطمرها سفي الرياح.

المشاقيق (قنوات المياه):

ترتبط كل مجموعة من الآبار القديمة بقنـــوات تحتية تسمى (المشاقيق) وهي عبارة عن شق في الأرض يربط بين الآبـــار القــــديمة (القلبان) وذلــك للاستفــــادة من زيادة المياه في بعضها ليدعم النقص في البعض الآخر، وتمر هذه القنوات في كثير من الأحيان من تحت البيوت ويحدث أحيانا أن تنهار سقوف القنوات فتظهر عميقة ممتدة كما حدث تحت الجامع الكبير عام 1388هـ وكثير من البيوت. ولا يزال بعض القنوات(المشاقيق) مكشوفاً يمكن تتبعه من الآبار نفسها أو من البيوت القريبة منها.

واستخراج المياه من الآبار يتم بواسطة السواني وهي طريقة معروفة عند أهل القصيم عموماً.

المصادر :

تقرير خاص بالموسوعة اعداد أ. سليمان بن محمد السلمان
الموضوع السابق