منطقة البلد التراثية بجدة

on
  • 2022-09-07 16:26:34
  • 0
  • 412

كانت مدينة جدة ميناءً مهماً على البحر الأحمر منذ العصور الإسلامية المبكرة، أما حيّ البلد، فيُعتبر أقدم حيّ في هذه المدينة وأحد المواقع المصنفة على قائمة اليونيسكو.

على الرغم من التطور العمراني الهائل الذي شهدته مدن السعودية، لكن حيّ البلد لا يزال يحتفظ بعبقه التراثي القديم غير آبهٍ بالتغيرات الجذرية من حوله. ويعرف هذا الحي لدى سكان المنطقة باسم «بوابة مكة» أو «جدة القديمة».

قبل إعلانها ميناءً بحريًا لمكة المكرمة عام 647م، بُنيت منطقة البلد "جدة التاريخية" على أرض ساحلية جذابة، جعلتها مركزًا بشريًا يضم العديد من الثقافات عبر السنين. تكشف لك هذه المنطقة الستار عن تراث إنساني، قاومت أسواره العوامل التاريخية بثمانية بوابات عُرفت بقصصها التاريخية، إلى جانب أكثر من 10 بيوت أثرية يُشاد بتصاميمها المميزة وأسماء أسرها العريقة.

أحاط حارات جدة قديمًا سور بثمانية أبواب، كانت تغلق قبيل الليل لحمايتهم وتأمين أسواقهم، ولكل جهة تقريبًا باب، أشهرها من الشرق:" باب جديد"، حيث بُني هذا الباب بداية الأربعينات الميلادية في العهد السعودي ويعتبر آخر الأبواب لهذا السور، يليه في الأهمية "باب مكة" من الجهة الشرقية المقابلة لسوق البدو، ويعد محصنًا لأسواقهم وحلقات بيعهم ومعبرًا أيضًا، ثم "باب شريف" من المنطقة الجنوبية، إذ يستخدمه أهالي هذه الحارات كثيرًا للتنزه والزيارات للأسواق الخارجية، مثل: "حراج العصر" واليوم تحول لسوق كبير شعبي.

وللسور بابان رئيسان هما: باب من جهة البحر، وباب من جهة مكّة المكرّمة، كما احتوى السور على ستة أبراج لكلّ برج منها محاط بستة عشرة ذراع، ثمّ فتح في السور ستة أبواب هي: باب شريف، وباب المغاربة، وباب جديد، وباب بمكّة، وباب البنط، وباب المدينة، وفي أوائل القرن الحالي أضيف بابان جديدان، وفي العام 1947م تم إزالة السور وذلك لدخوله في منطقة العمران.

تقسّم جدّة التاريخيّة داخل سورها إلى العديد من الأحياء التي تسمّى حارات، ومن هذه الحارات: حارة المظلوم: تقع جغرافيّاً في الجهة الشماليّة الشرقيّة منها، وسمّيت بهذا الاسم نسبة إلى السيّد عبد الكريم البرزنجي الذي قتل على يد الحكومة العثمانية، وتحتوي على سوق الجامع، ودار آل قابل. حارة اليمن: تقع جغرافيّاً في الجهة الجنوبيّة منها، واكتسبت اسمها بسبب اتّجاهها إلى بلاد اليمن، وتحتوي على دار الجمجوم، ودار آل نصيف، ودار آل عبد الصمد، ودار آل شعراوي. حارة المليون طفل: تقع جغرافيّاً في جهة الجنوب منها، وسميت بهذا الاسم نسبة إلى كثرة أعداد الأطفال في أزقتها. حارة الشام: تقع جغرافيّاً في الجهة الشماليّة منها، وتحتوي على دار الزاهد، ودار السرتي. حارة الكرنتينه: تقع جغرافيّاً في جهة الجنوب منها. حارة البحر: وهي مطلّة على البحر، وتحتوي على دار آل رضوان، ودار آل النمر.

تشير بعض الدلائل حقًا إلى استيطان حيّ البلد حتى قبل مجيء الإسلام، فحينها عاشت القبائل هناك معتمدة على الصيد، وكانت المجتمعات البشرية تسكن بعيدة عن بعضها حتى القرن السابع عندما ازدهرت المدينة تحت الحكم الإسلامي. خلال تلك الفترة، كان البلد مرفأ بحرياً يستقبل الحجاج إلى مدينة مكة، ويسهل إجراء المعاملات التجارية، ويصل طرق التجارة على طول المحيط الهندي منذ القرن السادس عشر وحتى القرن العشرين. اليوم، أصبح الحي واحداً من الأحياء المزدهرة متعددة الثقافات، وفيه الكثير من الأسواق المفتوحة التي وُجدت منذ قرونٍ مضت ولا تزال قائمة حتى اليوم، بالإضافة طبعاً إلى البيوت الخشبية الجميلة التي يعود تاريخها إلى القرن التاسع عشر ميلادي.

بنى أهالي جدة بيوتهم من الحجر المنقى والذي كانوا يستخرجونه من بحيرة الأربعين ثم يعدلونه بالآلات اليدوية ليوضع فـي مواضع تناسب حجمه إلى جانب الأخشاب التي كانت ترد إليهم من المناطق المجاورة كوادي فاطمة أو ما كانوا يستوردونه من الخارج عن طريق الميناء خاصة من الهند، كما استخدموا الطين الذي كانوا يجلبونه من بحر الطين يستعملونه في تثبيت المنقبة ووضعها بعضها إلى بعض وتتلخص طريقة البناء فـي رص الأحجار فـي مداميك يفصل بينها قواطع من الخشب «تكاليل» لتوزيع الأحمال على الحوائط كل متر تقريباً يشبه المبنى القديم إلى حد كبير المبنى الخرساني الحديث والأخشاب تمثل تقريباً الحوائط الخارجية للمنشأ الخرساني وذلك لتخفيف الأوزان باستعمال الخشب.

ومن أشهر وأقدم المباني الموجودة حتى الآن دار آل نصيف ودار آل جمجوم فـي حارة اليمن ودار آل باعشن وآل شيخ وآل قابل ودار قمصاني والمسجد الشافعي فـي حارة المظلوم ودار آل باناجة وآل الزاهد فـي حارة الشام ودار آل النمر في حارة البحر وبلغ ارتفاع بعض هذه المباني إلى أكثر من 30 متر، كما ظلت بعضها لمتانتها وطريقة بنائها باقية بحالة جيدة بعد مرور عشرات السنين، وتميزت هذه الدور بوجود ملاقف على كافة الغرف فـي البيت وأيضا استخدم الروشن وخاصة الرواشين بأحجام كبيرة، واستخدمت الأخشاب المزخرفة فـي الحوائط بمسطحات كبيرة ساعدت على تحريك الهواء وانتشاره فـي أرجاء الدار وإلقاء الظلال على جدران البيت لتلطيف الحرارة كما كانت الدور تقام بجوار بعضها البعض وتكون واجهاتها متكسرة لإلقاء الظلال على بعضها.

المصادر :

تقرير خاص بموسوعة كيوبيديا