اللهجات العربية واللغة الفصحى

on
  • 2022-11-02 11:29:41
  • 0
  • 1868

تختلف اللهجات في كل منطقة من مناطق الوطن العربي، حيث يتميز كل شعب من شعوب دول الوطن العربي بلهجاتهم على الرغم من أن الأصل واحد وهي اللغة العربية العربية، فعندما تنتقل من دولة إلى أخرى تلاحظ هذا الفرق، وفي نفس الوقت تجد أن هذه اللهجة من الممكن أن تنتشر في معظم المناطق بدون أي صلة بينها، وجاء الاختلاف بين اللهجات على أساس الخصائص اللغوية التي تشتملها مثل تبديل الحروف مكان بعضها، أو تبديل حرف بحرف، أو إضافة حرف .

يقول الدكتور محمد رياض في كتابه "المقتضب في لهجات العرب"، إن العربية انقسمت منذ أقدم عصورها إلى لهجات كثيرة مختلفة، اختصت كل قبيلة وكل جماعة متحدة بلهجة منها، ويستعرض رواية الأصمعي، قال بها: قال اختلف رجلان في نُطق "الصقر"، فقال أحدهما بالسين وقال الآخر بالصاد، فتحاكما إلى أعرابي ثالث، فقال: أما أنا فأقول الزقر (بالزاي)، فهكذا نُطقت بـ3 طرق مختلفة. ويضيف: أن هذه اللهجات أتيح لها فرصاً للاحتكاك بفضل التجارة وتجمعات القبائل في الحج والأسواق والحروب الأهلية، فاشتبكت في صراع لغوي كُتب النصر فيه للهجة قريش، بسبب سلطانها الديني والسياسي والثقافي.

يقول السيوطي في الاقتراح: كانت العرب تحضر الموسم، في كل عام وتحج البيت في الجاهلية، وقريش يسمعون لغات جميع العرب، فما استحسنوه من لغاتهم تكلموا به فصاروا أفصح العرب، وخلت لغتهم من مستبشع اللغات ومستقبح الألفاظ. ويضيف الدكتور علي عبد الواحد وافي في كتابه "فقه اللغة"، أصبح لسان قريش "لغة قياسية" يستخدمها معظم العرب في الآداب، فمنها كان يُنظم الشعر وتلقى الخطب، وترسل الحكم والأمثال، وتدون الرسائل، ويتبارى الأدباء في الأسواق. عملية تحديد ماهو الفصيح، تطلبت من العلماء القدماء منهجاً خاصاً في عملية جمع اللغة وتدوينها، بُنيت أساساً على فكرة البُعد التام عن الأعاجم (الأجانب)، ولذلك قام العلماء بتصنيف القبائل، صنف منها رفضوا الأخذ عنه لاحتكاكه بالأمم المجاورة وما قد يؤدي ذلك إليه من تداخل لغوي، وآخرون قبلوا منهم لسانهم كـ"عربية فصحى" يجب اتباعها.

وقد برز علماء اللغة الأفاضل لتوضيح اللهجات بشكل مستفيض مع ذكر الأسباب والظواهر، وكان للأديب المصري مصطفى صادق الرافعي جهد كبير في ذكر ذلك من خلال كتابه ” تاريخ الأدب العربي” ، ومن أبرز اللهجات العربية الفصحى نذكر :

1- لهجة الكشكشة
تعني لهجة الكشكشة هي إضافة حرف الشين إلى الكاف في آخر الفعل، وذلك للدلالة على التأنيث، ويعود أصل هذا اللهجة إلى قبيلتي مضر وربيعة العربيتين، وتنطق هذه اللهجة في العراق، بالإضافة إلى بعض المناطق في سوريا والأردن، ومنطقة الخليج العربي، ففي هذه اللهجة عندما تقول رأيتك تقولها (رأيتكش) ، أو حينما تقول عليك تقولها ( عليكش).

2- لهجة الكسكسة
تعني لهجة الكسكسة إضافة حرف السين إلى الكاف في آخر الفعل أو قلبها إلى السين للدلالة على التأنيث، أو قلبها إلى “تس” وهي ظاهرة تعود أصلها إلى قبيلتي بكر بن وائل وهوازن، ومازالت هذه اللهجة حية إلى الآن إذ تنطق في بعض مناطق الخليج، وبعض المناطق في نجد والقصيم بالتحديد، فإذا نطقت كلمة (عليك) بهذه اللهجة فتقول عليس أو عليتس.

3- لهجة الشنشنة
تعني لهجة الشنشنة قلب حرف الكاف في آخر الكلمة إلى حرف الشين، سواء كانت الكلمة للمذكر أو المؤنث، حيث لا تزال هذه اللهجة حية في اليمن وجنوب المملكة، فإن أردت أن تقول لبيك اللهم لبيك بهذه اللهجة فتقولها (لبيش اللهم لبيش).

4- لهجة العنعنة
تعني لهجة العنعنة هي تحويل الهمزة في أول الكلام إلى عرف العين، وتعود أصل هذه اللهجة إلى قبيلتي تميم وقيس، وما تزال هناك مناطق في شمال المملكة تنطق هذه اللهجة، وحتى في جنوب الأردن، وفي بعض مناطق الصعيد في مصر والنوبة، فإذا كنت تريد أن تقول أسلم فتقولها بهذه اللهجة (عسلم) أو تقول لا فتقولها (لع).

5- الفحفحة
تعني الفحفحة هي تحويل حرف الحاء إلى حرف العين، وأصل هذه اللهجة هي قبيلة هذيل، حيث لا تزال هذه اللهجة حية في بعض المناطق في جنوب الجزيرة العربية، فإذا كنت تريد أن تقول مثلا جملة حلت الحياة لكل حي فإنك تقولها بهذه اللهجة ( علت العياة لكل عي).

6- لهجة العجعجة
تعني لهجة العجعجة تحويل الياء المشددة إلى حرف الجيم أو العكس، ويعود أصل هذه اللهجة إلى قبيلة قضاعة، حيث لا تزال هذه اللهجة حية إلى الآن في دولة الكويت وبعض المناطق في الخليج العربي، فإذا كنت تريد أن تقول أبو علي فتقولها بهذه اللهجة (أبو علج)
وهناك نسخة عكسية لهذه الظاهرة وهي تحويل الجيم إلى الياء وتنطق في مصر، فإذا كنت أن تريد مثلا أن تقول مسجد فإنك تقولها مسيد.

7- لهجة الوتم
تعني لهجة الوتم هي تحويل حرف السين إلى حرف التاء حيث تستخدم هذه القبيلة في بعض القبائل اليمنية، فإذا كنت تريد أن تقول على سبيل المثال كلمة الناس فإنك تنطقها بهذا اللهجة (النات) وكلمة مات (ماس).

8- الخلخانية
وتعني هذه اللهجة حذف حرف أو دمجه في الحرف الذي يليه، وهذه اللهجة معروفة عند أهل عمان ومنطقة الشحر باليمن، فإذا أردت أن تقول على سبيل المثال في أمان الله فتقولها( فمان الله) أو تقول ما شاء الله فتقولها (مشالله).

9- لهجة القطعة
تعني هذه اللهجة هي قطع اللفظ قبل تمامه، أي حذف الحرف الأخير في الكلام، ويعود أصل هذه القبيلة إلى قبيلة طئ، وظهرت هذه اللهجة أيضا في مصر من خلال بعض الكلمات، فمثلما يقول المصريون (يا ولا) أي يا ولد، أو حينما يقولون  ( سلخي) في إشارتهم إلى مساء الخير، فإذا كنت تريد أن تقول يا أبا الحكم بهذه اللهجة فإنا تقولها ( يا أبا الحكا).

10- لهجة الطمطمانية
تعني لهجة الطمطمانية إبدال لام التعريف إلى ميم، وقد ورد عن النبي عليه أفضل الصلاة والسلام أنه قد نطق بهذه اللهجة في إحدى المرات حينما قال “ليس من امبر أمصيام في أمسفر”: والتي أصلها “ليس من البر الصيام في السفر” وتعود هذه الظاهرة إلى مملكة حمير اليمنية القديمة والتي لا تزال حية في بعض المناطق هناك إلى الآن.

11- لهجة الاستنطاء
تعني هذه اللهجة قلب حرف العين إلى نون، وهي اللهجة المعروفة لدى قبائل بن بكر وهذيل والأزد وقيس، ومازالت اللهجة مستخدمة إلى الآن في بعض مناطق العراق، وعلى سبيل المثال إذا كنت أن تريد أعطينا فتقولها بهذه اللهجة ( أنطينا).

12- لهجة التلتلة
تعني لهجة التلتلة كسر حرف المضارعة في أول الفعل وهي من أكثر اللهجات شعبية في الوطن العربي، وتنتشر في مصر والشام والخليج والمغرب، وتعود أصلها إلى لغة قبيلة  أسد وتميم وربيعة، فإذا كنت تريد أن تقول نَكتُب: نِكتِب.

 

 

 

 

 

 

المصادر :

كتاب ” تاريخ الأدب العربي” للأديب مصطفى صادق الرافعي // كتاب "المقتضب في لهجات العرب" للدكتور محمد رياض