أهم الحضارات القديمة التي استوطنت السعودية

on
  • 2023-01-08 13:18:52
  • 0
  • 7579

تميزت أرض المملكة العربية السعودية بموقعها الجغرافي المتميز في شبه الجزيرة العربية، وإلى جانب الموقع وخصائصه الفريدة من حيث قربه واتصاله بأقدم المناطق الحضارية في الشرق القديم – مصر وبلاد النهرين - فقد توافرت مقومات الحياة وبناء الحضارة على أرض المملكة العربية السعودية، ولذلك قامت العديد من الحضارات على تلك الأرض منذ آلاف السنين، إضافة إلى أنها كانت ملتقى الكثير من حضارات الشرق الأدنى القديم لأغراض التجارة.

وتؤكد الاكتشافات الأثرية وجود مستوطنات العصر الحجري القديم في الجزيرة العربية منذ مليون سنة قبل الميلاد، مثل موقع الشويحطية بشمال المملكة، كما عثر على دلائل لمستوطنات أخرى تعود للعصر الحجري الوسيط، (50000) سنة قبل الميلاد في مواقع عدة منها (بئر حما) بمنطقة نجران.

وقد أثبتت المواقع المكتشفة أن الاستيطان البشري لم يقتصر على منطقة بعينها في المملكة العربية السعودية خلال العصر الموستيري، بل كانت في معظم أنحاء المملكة، حيث تم اكتشاف العديد من المواقع، ومنها واحة (يبرين) الطبيعية، التي يرجع تاريخها إلى (30000) ثلاثين ألف سنة قبل الميلاد، إضافة إلى استمرار الاستيطان في العصر الحجري الحديث (10000) عشر آلاف سنة قبل الميلاد، ودليل ذلك موقع الثمامة في الرياض، حيث عثر على رؤوس سهام وأدوات تميزت باقتران غرضها الوظيفي بجوانب فنية وإبداعية.

إن الآثار الباقية أكدت كذلك أن منطقة شبه الجزيرة العربية في المكان المعروف الآن بالمملكة العربية السعودية مرت بفترات متعاقبة، بداية بما خلفه الإنسان البدائي القديم في العصور الحجرية من أدوات حجرية ورسوم بدائية متفرقة، كما أنها تتضمن أساسًا ما تركته الجماعات العربية المتحضرة في عصورها التاريخية القديمة من آثار معمارية قائمة، كبقايا المعابد والأسوار والسدود والحصون والأبراج والمساكن والمقابر، وما عثر على ما تحتويه من آثار متنوعة لأدوات الاستعمال اليومي وأدوات الزينة وفنون النحت والنقش، في مناطق عدة من أنحاء شبه الجزيرة العربية.

إن المملكة العربية السعودية مهد الحضارات، فهي ليست طارئة أو مستجدة في التاريخ، بل هناك الكثير من الأقوام والممالك والحضارات الإنسانية الضاربة في القِدم، والتي مرت على هذه الأرض، فبالإضافة إلى الممالك التي ذُكرت في القرآن الكريم (عاد وثمود ومملكة مدين)، هناك بعض الممالك والحضارات التي تم الكشف عنها من خلال المواقع الأثرية والتنقيب فيها.

مملكة الأنباط

بالرغم من أنّها اتخذت من (البتراء) عاصمة لها، إلا أنّ وجودها امتدّ من غزة شمالاً إلى مدائن صالح جنوباً، واكتسبت هذه المملكة أهميتها كونها تقع في موقع إستراتيجي يتمثل في طريق التجارة من الشمال ومن الجنوب؛ حيث سيطر الأنباط على الطرق التجارية آنذاك، وكانت قوافلهم المكونة من مئات الجمال، تحمل البخور والتوابل والعطور من شواطئ عُمان واليمن مروراً بمكة والمدينة والحِجر (مدائن صالح) إلى البتراء، ثم تتفرع إلى دمشق أو عبر النقَب وسيناء.
كان النبطيون يعبدون الشمس، وكانت تُعرف بـذو الشرى؛ ما يعني (الإله المنير)، وهناك نص في النقوش الموجودة في مدائن صالح أطلق عليه (فاصل الليل عن النهار)، يُشير إلى ذلك، كما لوحظ وجود معبد رئيسي للإله (ذو الشرى) في العديد من مقاطعات المملكة النبطية مثل: البتراء، مدائن صالح، أم الجمال، النقب، وذكر الباحثون أنّ النقوش والكتابات التي تمّ الكشف عنها، أشارت إلى أسماء بعض الآلهة فقط ولم تتطرق إلى العادات والتقاليد، إلا أنّه تمّ التعرف على المزيد من المعلومات عن الآلهة عبر تحليل النقوش النبطية وقراءتها، ومن خلال التنقيبات الأثرية كحفريات خربة التنور في وادي الحسا في الطفيلة.

مملكة لحيان (الدادان)

وُجدت هذه المملكة في واحة العلا من القرن السادس إلى القرن الثالث قبل الميلاد، وهي مملكة عربية قديمة جسدت إرثاً حضارياً امتد نفوذه إلى معظم أنحاء شمال غرب الجزيرة العربية، رأى الكثير من الباحثين أنّ المملكة الدادانية أو اللحيانية سبقت وجود الحضارة النبطية والوجود الروماني، وترك ساكنو هذه المملكة وراءهم الكثير من النقوش والأعمال الفنية التي دلّت على براعتهم في الزراعة والتجارة.
وبحسب الباحثين، أعاد الدادانيون بناء القلعة الإسلامية الواقعة في منطقة العلا، وكشفت بعض التنقيبات عن المعبد الداداني الذي يسعى الباحثون من خلاله للحصول على تسلسل زمني صحيح ومعرفة طبقات البناء.

مملكة كِندة

«220-633 م»، كانت عاصمتها قرية الفاو، ووصل نفوذ هذه المملكة إلى شمال منطقة نجد، وكانت عاصمتها قرية ذات كهل (الفاو) حالياً والتي تقع في منطقة الرياض،  ولعلّها من أهم الاكتشافات الأثرية في الجزيرة العربية؛ كونها جسّدت نموذجاً للمدينة العربية في عصر ما قبل الإسلام، من حيث المساكن والطرق والآبار والمقابر والأسواق التجارية، وكانت أيضاً مركزاً ذا أهمية وملتقًى للقوافل التي تحمل المعادن والحبوب والنسيج، كما وكشفت التنقيبات عن وجود منحوتات برونزية نادرة تشير إليهم، وسلسلة متميزة من رسومات فريسكو، ومبنى ضخم تمّ نحته من معدن البرونز.

مملكة قيدار

اختلف الباحثون حول وجود هذه المملكة؛ فهناك من رأى أنّها وُجدت في الفترة «745 قبل الميلاد- 727 ق.م»، وأنّها وُجدت في منطقة الجزء الشمالي والشمالي الغربي من شبه الجزيرة العربية، وأيضاً في جنوب شرق المملكة الأردنية الهاشمية، كما تساءل الشق الثالث من الباحثين حول اتساع هذه المملكة، أم أنها ببساطة كانت «دومة الجندل» فقط، وذلك بناءً على اللفظ أدوماتو وهو الاسم الآشوري لدومة الجندل.
ذكرت الكتب اليهودية أنّ قيدار هو ابن إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام، ومن هنا أُطلقت هذه التسمية على مجموعة من القبائل العربية التي انتشرت في الشام والعراق وشمال الجزيرة العربية، وفي سياق ذلك جادل بعض المؤرخين حول سُكّان هذه المملكة؛ إذ يرون أنّهم كانوا حلفاء مع النبط وتمّ ضمهم إلى مملكة الأنباط.

مملكة حِميَر الأولى والثانية

«110 ق. م- 527 م» وهي مملكة عربية كانت حدودها من أوسان جنوباً إلى نجران شمالاً وعمان شرقاً إلى عسير غرباً، وحادثة الأخدود التي ذكرها القرآن الكريم، هي واحدة من أشهر معالمها.

حضارة المقرّ

من أبرز الاكتشافات الحديثة التي تشير إلى رموز الثقافة العربية الأصيلة؛ حيث يعود عمر هذه الحضارة إلى أكثر من 9 آلاف سنة، وُجدت في منطقة متوسطة بين محافظة تثليث ومحافظة وادي الدواسر، وعُثر فيها على بعض الرموز التي تدل على الفروسية واستئناس الخيول واقتناء الكلاب والحيوانات الأخرى والتزين بالخناجر العربية؛ إضافةً إلى بعض الرسومات التي دلّت على امتلاك سُكّان هذه الحضارة تقنيات كانت تُستخدم في الصيد والزراعة.

حضارة الجرهاء

من أعظم حضارات العالم القديم، وبفضل موقعها المتميز في الجزء الشمالي من شبه الجزيرة العربية، تمكنت من الإشراف على طرق التجارة البرية والبحرية في الجزيرة العربية وبلاد الرافدين، وفي السنوات الأخيرة، تمّ اكتشاف عدد من النقوش في جزيرة ديلوس اليونانية لتاجر من جرهاء اسمه «تيم اللات» وهو اسم عربي.

العصر الإسلامي

كان ظهور الإسلام منعطفاً حاسماً في تاريخ شبة جزيرة العرب، حيث قامت الدولة الإسلامية بالمدينة المنورة، وتوسعت وامتدت لكل موقع وصل إليه الدين الإسلامي.

ولم تكن الجزيرة العربية بمنأى عن التطور الحضاري بعد انتقال مركز الخلافة الإسلامية إلى بلاد الشام والعراق، حيث كشفت الدراسات والبحوث عن مدن ومواقع أثرية تعود إلى عصر النبوة مثل موقع "جواثا" ومسجده المشهور في الأحساء، وكذلك كتابات ونقوش منذ زمن الخلفاء الراشدين والأمويين والعباسيين منتشرة في مواقع مختلفة من المملكة.

وهناك مئات المواقع الإسلامية المنتشرة على امتداد طرق التجارة والحج، مثل محطات وبرك درب زبيدة المنتشرة على طول الطريق من العراق إلى مكة المكرمة، وموقع الربذة شمال المدينة المنورة أحد أبرز هذه المواقع وكذلك المواقع المنتشرة على طريق الحج المصري وطريق الحج الشامي وطريق الحج اليمني، وموقع المابيات بالقرب من مدينة العلا، وفيد في منطقة حائل.

 

المصادر :

تقرير خاص بموسوعة كيوبيديا