برج الطوية الأثري في محافظة الجبيل
on- 2025-09-27 14:49:58
- 0
- 67

في الجهة الغربية من محافظة الجبيل شرق السعودية تحفةٌ تاريخيةٌ عريقةٌ شُيدت في أواخر القرن الثالث عشر الهجري بأمر من المؤسس الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود عام 1928م، تزامنًا مع فترة نشأة مدينة الجبيل آنذاك.
يعد برج الطوية الأثري برجا طينيًّا يحكي قصة مجد حفظت في ذاكرة التاريخ، إذ يعد البرج إرثًا تاريخيًّا ومعلمًا مهمًّا في المنطقة، يفد إليه السياح وهواة الآثار والتاريخ.
وسمي البرج بالطوية نسبة إلى منطقة الطوية قبل وجود البئر والبرج، والتي تعني عند أهل المنطقة الأعاصير الرملية التي كانت موجودة في تلك المنطقة.
واستطاع بناة هذا الحصن تسخير الطبيعة وجعل هذه الجغرافيا القاسية ملاذاً لمن تحصن فيه عبر العصور، ومن أسواره دُحرت جيوش، بينما عجز غزاة عن اختراقه.
يقف برج الطوية الأثري شامخًا وسط محافظة الجبيل، تحيط به الأشجار الخضراء من كل جانب، وتغمره أشعة الشمس الذهبية، فتبرز تفاصيل جدرانه السميكة بلونها الطيني المتآلف مع البيئة المحيطة، ومع فتحاته الصغيرة وامتداد ظلاله على الرمال، يبدو البرج كأنه يحرس المكان كما فعل قبل قرن من الزمان.
هذا المعلم التاريخي لا يحكي قصة حجر فحسب، بل يروي فصلًا من مسيرة توحيد المملكة، فبعد معركة السبلة التاريخية عام 1928م (1347هـ)، أمر الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -طيب الله ثراه- ببنائه ليكون حصنًا يحمي بئر الطوية، التي كانت شريان الحياة لأهالي الجبيل والقوافل التجارية.
وكان الهدف الإستراتيجي من تشييد البرج هو حماية مصدر المياه الحيوي وتأمين المدن والقرى الساحلية من تهديدات المتمردين آنذاك، ضمن جهود الملك المؤسس لتوطيد الأمن واستكمال مسيرة التوحيد.
برج الطوية برج مخروطي الشكل، ومشيّد من الحجر الجيري والحجر البحري، ومدعّم بأخشاب متينة تقاوم عوامل البيئة الساحلية، ويبلغ ارتفاعه نحو 12 مترًا بقطر 9 أمتار، ويتألف من طابقين: الأول خُصص لتخزين المؤن، والثاني أُعد للمقاتلين، بجدران سميكة تضم فتحات للتزود بالمياه وثقوبًا للرماية، ليكون نموذجًا للعمارة العسكرية الدفاعية في بدايات القرن العشرين.
واليوم، وبعد مرور مئة عام، يظل برج الطوية أكثر من مجرد أثر قديم، فهو عند أهالي الجبيل رمز للفخر والاعتزاز، وإرث يعكس تضحيات الملك المؤسس ورجاله في سبيل وحدة الوطن وضمان أمنه واستقراره، ليبقى شامخًا أمام تغيرات العمران والزمن، مذكرًا الأجيال بأن ما نعيشه اليوم من ازدهار واستقرار بُني على أسس من الصمود والعزم والإخلاص..