قرية "آل ينفع" الأثرية بمنطقة عسير
on- 2025-09-29 12:27:55
- 0
- 23

تقع قرية آل ينفع التراثية في قلب منطقة عسير جنوب السعودية وعلى بعد 45 كيلومترًا من مدينة أبها، وبالتحديد في مركز تمنية، وتعد هذه القرية نموذجًا حيًا للتراث العمراني الأصيل في المنطقة، حيث تحتضن مباني أثرية ومساجد وقلاع تاريخية تعكس عراقة الماضي، وتتميز القرية بمناخها المعتدل وطبيعتها الخضراء، مما يجعلها وجهة سياحية جذابة، ومؤخرًا، شهدت القرية جهودًا حثيثة لإعادة التأهيل والتطوير، بهدف الحفاظ على هويتها التراثية وتعزيز مكانتها كمعلم سياحي بارز في المنطقة.
لم تعد قرية "آل ينفع" الأثرية مجرد مزار سياحي يحكي تاريخًا عريقًا يمتد لأكثر من 1400 عامٍ، بل أصبحت أيضًا مكانًا يحتضن الفنون المعاصرة، حيث تجتمع في مكان واحد مع جمال العمران التراثي الذي شهد أعمال ترميم وإعادة تأهيل خلال السنتين الماضيتين.
وتقع القرية على مساحة تزيد على 121 ألف متر مربع، وتتميز بموقعها السياحي المهم، حيث تتوسط مواقع سياحية معروفة مثل: "القرعاء" و"المسقي"، و"دلغان"، و"الحبلة"، إلى جانب قربها من المدينة الجامعية لجامعة الملك خالد.
وحظيت القرية بتطوير كبير وإعادة تأهيل قامت به أمانة منطقة عسير، مما حولها إلى موقع سياحي جاذب للزوار ومركز ثقافي يحتضن الفعاليات الثقافية والفنية، وكان من أبرز هذه الفعاليات "ملتقى قريتنا الفنية"، الذي نظمته هيئة تطوير منطقة عسير بالتعاون مع جمعية الثقافة والفنون بأبها، والجمعية السعودية للفنون التشكيلية "جسفت".
واشتمل الملتقى على فعاليات تناولت "الفنون البصرية ودورها في جودة الحياة"، و"فنون الزخرفة التراثية"، و"التصوير الضوئي في منطقة عسير"، و"تاريخ الفنون التشكيلية في عسير"، إلى جانب دورات فنية وورش عمل للمهتمين، وفعاليات للرسم الحر تربط الزائر بالمكان وتعزز التنافسية بين الفنانين.
وتظهر مباني القرية متراصة بشكل معماري فريد في عمق وجنبات الجبال، وتطل على رقعة زراعية ترويها أكثر من 70 بئرًا، منها 7 آبار متجاورة منحوتة في الصخور.
وتتميز "آل ينفع" بنظام ري متطور يعود إلى قرون مضت، استطاع أهالي القرية تشييده بمهارة هندسية، من خلال شبكة من القنوات التي تنقل المياه من الآبار إلى المزارع والبيوت، كما تحتوي على ممر مائي قديم يمر بين الصخور لمسافة 160 مترًا، يربط أحد الآبار القديمة في القرية بالمزارع.
ويجد زائر القرية مهارة فريدة في نحت الصخور، حيث أنشأ الأهالي مدافن عميقة يبلغ عددها نحو 50 مدفنًا بنيت بشكل دائري لتخزين الحبوب بعد مواسم الحصاد، ويعد مدفن "بيت الجماعة" مركزًا عامًا لتخزين الحبوب وجمعها.
تمثل قرية "آل ينفع" وجهة سياحية مهمة على مستوى المملكة، لما تحتويه من مكونات حضارية وتراثية عريقة، مثل: البيوت ذات الطابع العمراني الفريد والقنوات المائية ذات التصاميم الهندسية المتميزة، كما تضم القرية 400 منزلٍ أثري تتوزع على 16 حيًا، وتحوي 6 مساجد تاريخية، من أبرزها وأقدمها الجامع القديم، الذي بُني في عام 105 هـ، وفق ما دُوّن على بابه.
تقع قرية "آل ينفع" على جبل من الحجر الرملي الأحمر الذي يمتاز بمسامات تسمح بمرور المياه، مما سهل حفر الآبار منذ القدم وسط هذه الصخور، كما ترتفع القرية عن سطح البحر قرابة 2600 مترٍ، ويتميز مناخها بالبرودة شتاءً والاعتدال صيفًا، حيث تتأثر بالرياح الموسمية الجنوبية الغربية القادمة من البحر الأحمر والمحملة بالأمطار، التي تهطل عليها خلال موسمين سنويًا.
وتتميز القرية بوجود 36 طريقًا قديمًا تُعرف باسم "الشداخات"، وهي ممرات تُنشئ تحت المباني لربط جميع الأحياء، مما يسهل الوصول إلى أي مكان أو بيت بأقصر الطرق وأكثرها أمانًا.
وشمل التطوير الأخير للقرية، الذي نفذته أمانة منطقة عسير، إعادة تأهيل الممرات والساحات بالتكسية الحجرية، إضافة إلى تنفيذ أعمال الإضاءة في الممرات والساحات كافة، بما يتناسب مع القيمة التراثية للقرية، كما نُفذت أعمال زراعية على المداخل والمخارج والممرات والساحات، بالإضافة إلى إنشاء مشروع لتصريف مياه الأمطار باستخدام الأخشاب الطبيعية.