مسجد الغمامة.. معلم تاريخي وأثري بالمدينة المنورة
on- 2025-10-18 15:59:34
- 0
- 28

يعد مسجد الغمامة من أبرز المعالم التاريخية في المدينة المنورة، إذ ارتبط اسمه بسيرة النبي، صلّى الله عليه وسلّم، حيث صلى فيه صلاة العيدين وصلاة الاستسقاء، ليبقى شاهدًا على عراقة الإرث النبوي وعمق التاريخ الإسلامي في المدينة، ويقع المسجد في الجهة الجنوبية الغربية للمسجد النبوي الشريف على بعد نحو 500 متر فقط من باب السلام، في الموضع الذي كان يعرف قديما باسم “المُصلى”، إذ كان النبي- صلى الله عليه وسلم- يؤدي فيه صلاة العيد خارج المسجد النبوي. واشتهر بمسمى الغمامة، لما يقال أن "سحابة" حجبت الشمس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أثناء صلاة الاستسقاء.
وقد بني المسجد في عهد الخليفة عمر بن عبدالعزيز – رحمه الله – أثناء ولايته على المدينة المنورة، وأعيد ترميمه وتطويره في مراحل لاحقة ليحافظ على طابعه التاريخي والمعماري الأصيل.
وأمر النبي صلى الله عليه وسلم، أن لا يُبنى بل يبقى ساحة، حيث قال النبي الكريم عنه « هذا مجمعنا ومستمطرنا ومدعانا لعيدنا ولفطرنا وأضحانا، فلا يبنى فيه لبنة على لبنة ولا خيمة »، وفي هذا المسجد صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الغائب على النجاشي .
والمسجد له مواصفات معمارية فريدة من نوعها، فهو مستطيل الشكل ، ويتكون من جزأين، المدخل وصالة الصلاة ، أما المدخل فطوله 26م وعرضه 4 أمتار، وقد سقّف بخمس قباب كروية ، محمولة على عقود مدببة ، أعلاها القبة الوسطى التي تنتصب فوق مدخل المسجد الخارجي ، وهذه القباب أقل ارتفاعاً من القباب الست التي تشكل سقف الصالة.
ويعود البناء الحالي للمسجد إلى القرن الثالث عشر الهجري, وحظي بتوسعة واهتمام في عصرنا الحاضر حيث تم تأهيله ضمن مشروع المناخة الحضري بالمدينة المنورة, ويعدّ ضمن 8 معالم تاريخية وأثرية إسلامية دشّنها مؤخراً, صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن سلمان بن عبدالعزيز, أمير منطقة المدينة المنورة, بعد اكتمال أعمال تطويرها, وإعادة تأهيلها لاستقبال المصلين والزائرين ضمن جهود تقوم بها عدة جهات معنية للعناية بالمعالم الدينية والتاريخية .
وتبلغ مساحة مسجد الغمامة 569 متراً مربعاً, ويتّسع لـ 474 مصلياً, ويتميّز بستّ قبابٍ تعلو سقفه, تشمل قبة المحراب التي شيّدت فوق مدخل المسجد في الجهة الشمالية, وتحيط بها 5 قباب أخرى, وتبلغ المساحة الداخلية للمسجد ثلاثين متراً مربعاً, وبعرض خمسة عشر متراً, ويوجد في جدار الصالة الشرقيّ للمسجد نافذتان مستطيلتان, تعلو كل واحدة نافذتان صغيرتان فوقهما نافذة ثالثة مستديرة, ومثل ذلك في جدار الصالة الغربي, ويتشكّل بناء المسجد من الخارج من الحجار البازلتية السوداء التي تتميّز بها المدينة المنورة, وله باب خشبي مزخرف, فيما طليت قباب المسجد وجدرانه الداخلية وتجاويف القباب باللون "البياض", وظلّلت الأكتاف والعقود باللون الأسود, مما أعطى المسجد منظراً جميلاً متناسقاً.
ويشهد توافد العديد من الزائرين باعتبار موقعه القريب من المسجد النبوي, إذ يستوقف المسجد الكثير من الزائرين لمشاهدة ما يحويه من موروث تاريخي قديم, حرصت الأعمال التطويرية على المحافظة على طرازه القديم, ومعالمه الأثرية, فقد تم ترتيب الساحة المحيطة بالمسجد, ورصفها, وتهيئتها للمشاة للاطلاع على المكان بوصفه أحد المعالم التي ارتبطت بسيرة رسول الله – صلى الله عليه وسلم - فقد كان آخر المواضع التي صلّى فيها -عليه الصلاة والسلام - صلاة العيد, وسميّ بـ "الغمامة" لما يقال من أن غمامة حجبت الشمس عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند صلاته, كما صلّى فيه صلاة الغائب على النجاشي - رحمه الله -, وتذكر الروايات التاريخية أن الخليفة الراشد عثمان بن عفّان – رضي الله عنه – صلّى صلاة العيدين والاستسقاء فيه .
وتعدّ أعمال التطوير والتأهيل التي شهدها المسجد والمعالم الدينية والأثرية مرحلة تشمل معالم أخرى في المدينة المنورة تم توقيع اتفاقية لإعادة تأهيلها خلال الفترة المقبلة, تشمل سقيفة بني ساعدة, وموقع الخندق, وبئر الفقير, وبئر عثمان بن عفّان - رضي الله عنه – وميدان سيد الشهداء, بهدف إثراء تجربة الزائرين, وتعزيز جودة حياة السكان والزائرين ضمن مستهدفات رؤية المملكة 2030 وتجسّد جانباً من جهود العناية بمواقع التاريخية الإسلامية من خلال برامج التطوير والتأهيل التي ترتكز على أعلى المعايير الفنية, لتكون تلك المواقع مهيأة وجاهزة لتقديم تجربة ثقافية ثرية ترسم واقعاً من ملامح الثقافة السعودية الأصيلة.