"النجر".. يذكر الأجيال بعراقة التراث وثقافة الضيافة في منطقة الحدود الشمالية

on
  • 2025-12-27 14:25:31
  • 0
  • 14

يمثل "النجر" في منطقة الحدود الشمالية أكثر من مجرد أداة لطحن الهيل، فهو رفيق لصوت الدلال، وعلامة بارزة في مجالس الضيافة، وقطعة تراثية توثّق علاقة أهل الشمال بالقهوة السعودية التي تُعد رمزًا للكرم والأصالة.

ويتميّز بصوته المعدني الفريد الذي يتردد صداه عند استخدامه، وكأنّه نداءٌ صامت يعلن عن استقبال الضيوف، أو عن بداية جلسة سمر على نكهة القهوة، مرتبطًا في الذاكرة الشعبية بكرم البيت الشمالي، حتى بات يُقال "صوت النجر يسبق الكرامة".

ويصنع النجر عادة من النحاس أو الحديد الثقيل، ويتفاوت حجمه حسب الحاجة، ويُستخدم لطحن الهيل والقرنفل والزنجبيل التي تُضاف إلى القهوة لإضفاء نكهتها المميزة، أما "ربية النجر" فهي اليد المعدنية التي تُستخدم لطحن ما بداخله، وتصنع غالبًا من نفس المعدن.

ولا يزال كثير من أهالي المنطقة يحرصون على اقتناء النجر في منازلهم أو في "شبّاتهم" الشتوية، سواء لاستخدامه أو للحفاظ عليه بوصفه موروثًا شعبيًا، كما يُعرض في المهرجانات التراثية، ويتنافس عليه الحرفيون في تقديمه بأشكال مزخرفة تعكس الذائقة المحلية.

يمثل "النجر" أحد الرموز التراثية التي عاشت في الذاكرة عبر الأجيال، وجزءًا من الثقافة العربية، حيث ارتبط بتحضير القهوة، ورمز الكرم والضيافة؛ بالإضافة إلى وظيفته العملية، وتميز بصوته الذي تغنى به الشعراء، ليصبح أيقونة تراثية عربية يعكس أصالة الماضي.
"النجر" مصنوع من النحاس، وغالبًا ما يكون ذا تصميم أسطواني أو مخروطي مزخرف بنقوش فنية تضيف له قيمة جمالية، ويأتي معه "المقبض" أو "المدق"، الذي يُستخدم لطحن المحتويات داخل النجر، ويُعرف النجر بجودته العالية وقدرته على تحمل الاستعمال المتكرر، مما يجعله قطعة متينة تستمر لعقود.

ويقول المهتمون بالتراث: "إن الاستخدامات العملية للنجر طحن القهوة والبهارات قبل إعدادها، مما يعزز من نكهتها الطازجة؛ كما يُستخدم لطحن التوابل مثل الهيل والقرنفل، التي تعد مكونات أساسية في القهوة وأداة زينة لتصميمه الجميل، كما يُعد النجر قطعة ديكور تُزين المنازل، خاصة في مجالس الضيافة، والداعي لحضور الضيوف لتناول القهوة في الزمن الماضي.

وللنجر أشكال مختلفة متفاوتة الحجم، فبعضها صغير وبعضها كبير، كما تختلف زخرفتها من صانع لآخر ومن منطقة لأخرى، وله تسميات عدة منها الهاون، والمهباش، والمدق، وغيرها, وله أهمية ثقافية حيث كان يُستخدم صوت النجر في الماضي نداءً رمزيًّا للإعلان عن تحضير القهوة ودعوة لاحتسائها، وسماع صوت النجر يعني دعوة للحضور إلى المجلس، حيث يُعد تحضير القهوة جزءًا من كرم الضيافة.

ويُعرف صوت النجر برنينه المعدني المميز، وهو صوت يثير الحنين ويعبر عن أجواء المجلس العربي التقليدي, حيث يُقال إن طرق النجر بنغمة معينة كان يُستخدم إشارة للقدوم أو للترحيب.

والنجر يُعد أكثر من مجرد أداة عملية؛ فهو رمز للأصالة والكرم بفضل تصميمه الجميل وصوته الفريد، ويستمر النجر في كونه قطعة مهمة تُذكر الأجيال بعراقة التراث وثقافة الضيافة, كما تغنى به الشعراء العرب في قصائدهم، واصفين صوته بالرنان الجذاب الذي يبعث في النفس الحنين إلى الأوقات الجميلة والمجالس العامرة بالضيوف والأصدقاء.

المصادر :

واس