قلعة القشلة بحائل

on
  • 2021-11-06 13:07:57
  • 0
  • 790

كلمة قشلة أو القشلة هي كلمة تركية الأصل، تعني المكان الذي يمكث فيه الجنود أو الحصن أو القلعة، وتعني المعسكر الشتوي، ربما من هذه المعاني جاء معنى قصر القشلة التاريخي في حائل.

قصر القشلة هو قصر طيني أنشئ في الأربعينيات الميلادية، أيام حكم عبدالعزيز بن مساعد لمنطقة حائل، ويتوسط مبنى القشلة مدينة حائل، في المنطقة المركزية، وتحيط الشوارع بالمبنى من جهاته الأربع كافة، فالواجهة الجنوبية تطل على شارع رئيس، بينما الواجهات الثلاث الأخرى فتطل على شوارع فرعية تشغلها السوق القديمة لمدينة حائل، يقصده الزوار والسياح من داخل وخارج المملكة.
والمبنى عبارة عن بناء من دورين مشيد بالطين اللبن، مستطيل الشكل، ويبلغ ارتفاع جدرانه الخارجية نحو 8.5 متر، ويضم في زواياه وفي منتصف المسافة بين الزوايا ثمانية أبراج مربعة الشكل، ويدخل إلى القصر عبر مدخلين أحدهما شرقي والآخر جنوبي.
وفي حائل عرفت القلعة الكبيرة وسطها "قشلة حائل"، على غرار القلاع أيام حكم العثمانيين، حيث يقول الباحث التراثي رجب عبد الله إن لفظة القشلاغ، لفظة عثمانية، وتعني المكان الذي يسكنه الجنود العثمانيون، وبمرور السنين تغير اللفظ ليصبح على ما هو عليه "القشلة"، وذلك بسبب صعوبة لفظها على اللسان العربي الذي يميل باتجاه السهولة.
وكان الغرض من بناء القصر في أول الأمر أن يكون مقراً للجيش، الذي قدم إلى المنطقة في ذلك الوقت، ثم استخدم فيما بعد سجناً، وظل كذلك حتى انتهاء إمارة ابن مساعد، وتحول بعد ذلك لمبنى تاريخي.
قصر القشلة كان صرحاً من طين وبقي كذلك، وما زال مبنى القشلة الذي استخدمه الملك عبدالعزيز لتدريب الجنود وحفظ الأمن لأهل منطقة حائل ثابتا في وجه عوامل التغير، وبقي كذلك على مدار الزمن.

بعدما كان قصر القشلة ثكنة عسكرية تسمع في أركانه قرقعة السيوف وإطلاق رصاص متتابع من البنادق، أصبح مكاناً يحكي لزواره تاريخ توحيد المملكة، وتاريخ منطقة حائل.

يعتبر قصر القشلة أحد أكبر الأبنية الأثرية المبنية من الطين في الجزيرة العربية، أمر ببنائه الملك المؤسس عبدالعزيز طيب الله ثراه في عام 1360هـ (1940م)، مع توحيد البلاد، كثكنة عسكرية لتدريب الجند وحفظ الأمن والاستقرار لأهل حائل، وبني من اللبن والحجر على الطراز المعماري النجدي، ويدعم واجهاته ثمانية أبراج مربعة الشكل، أربعة بالأركان، وأربعة موزعة في منتصف كل وجهة، إضافة إلى أن ارتفاع هذه الوجهات 15 متراً، يزينها من أعلى شرفات متدرجة، أسفلها تنتشر "الطرم"، وهي عنصر معماري بارز في الجدار، له فتحتان واحدة داخل الواجهة والأخرى بالجزء السفلي البارز عنها، ليتمكن المدافع من إطلاق النار أو صب الزيت المغلي على من يقترب من الواجهات أو الأسوار.
وأسفل هذه "الطرم" تنتشر أيضاً في الواجهات فتحات رماية المسماة بـ"المزاعل"، وهي عنصر دفاعي عبارة عن فتحات دائرية بحجم فوهة البندقية، للدفاع عن الحصن أو القلعة أو القشلة بإطلاق النار على المهاجمين قبل وصولهم للأسوار، وأسفل هذه "المزاعل" توجد مزاريب خشبية موزعة على الواجهات لتصريف مياه الأمطار من الداخل إلى الخارج، وللقشلة مدخلان يزينهما زخارف جبصية عبارة عن فناء كبير، كان مخصصا لتدريب واستعراض الجند، ويحيط به من جوانبه الأربعة أروقة مسقوفة بجذوع الأثل والجريد محمولة على أعمدة من الخرزات الحجرية.
وتبلغ مساحة القصر 20 ألف متر مربع على شكل مستطيل، وهو مكون من دورين يضمان 143 غرفة، يوجد في الدور الأرضي 83 غرفة، خصصت كمكاتب للقادة والضباط، والإدارة بصفة عامة، ومخازن للأسلحة، ويضم الركن الشمالي ورشة صيانة سيارات، والركن الشمالي الشرقي يحوي السجن، ويقع المسجد في منتصف القصر، وخلفه دورات المياه، وخصصت غرف الدور العلوي وعددها 53 للنوم، والأبراج للحراسة، واستغرق بناء القشلة عاما ونصف العام، ثم تلتها مرحلة إضافات، كالمسجد والسجن، الذين انتهى بناؤهما في عام 1362هـ.

وفي قصر القشلة سيارة أثرية موجودة داخله، تم احتجازها مع قائدها في عام 1375هـ بسبب مخالفته للأنظمة، بعد قيامه بتهريب السجائر من العراق إلى حائل، في وقت كانت السجائر أو "الدخان" يحظر تداولها أو بيعها، وهي موديل 1948م من طراز لاند روفر، وهي إنجليزية الصنع، وتحمل لوحة رقم (5) المحايدة، ويقصد بالمحايدة المنطقة الفاصلة بين دولتي السعودية والكويت، التي تسمى الآن الوفرة.

تنقلت ملكية القصر على أكثر من جهة حكومية منذ عام 1375هـ، بدءاً من الجيش، ثم تركه الجيش عامين فأصبح مقراً لشرطة المنطقة حتى عام 1395هـ، ومن ثم إلى وكالة الآثار والمتاحف بوزارة المعارف ليصبح مبنى تاريخيا، وأخيراً انتقل إلى الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني.
أعيد ترميم القصر بالكامل قبل سنوات مع المحافظة على طابعه القديم  وأُعيد افتتاحه وأُدخل ضمن البرنامج السياحي.

وتم تحويله إلى مركز ثقافي يعرض مراحل وتاريخ الوحدة الوطنية، ومدى ارتباطه بالملاحم التاريخية والتضحيات التي قدمها أبناء هذا الوطن لتحقيق الوحدة الوطنية، ليكون شاهداً على ثقافة وتاريخ، ظل يحرسها القصر على مدى عشرات السنين.