التزيين بـ"المرو" و" القضاض" .. مهارات أبدعها البناؤون قديماً في عسير

on
  • 2022-05-21 10:24:54
  • 0
  • 865

لم تكن قوة البناء وصلابته أمام التقلبات الجوية الحادة في منطقة عسير ، المهارة الوحيدة التي عرُف بها معلم البناء المحترف قديماً ، فمهارة التزيين وجمال المظهر الداخلي والخارجي تدل على المستوى الذي بلغه البناء الذي يعرف محلياً بـ" الباني".
ومن أشهر مظاهر تزيين وزخرفة البيوت والقصور والقلاع قديماً في عسير استخدام حجر" المرو" الأبيض في تجميل الواجهات الخارجية للمبانى الحجرية بتشكيلات زخرفية حول الأبواب والنوافذ حسب ذوق البناء إذ تأتي على شكل (أفاريز) حول أعلى المبنى، والمنافذ الضوئية، والأبواب، وقد تأتي على شكل مثلثات ومربعات وخطوط رأسية وأفقية، حسب ما ذكره عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد الدكتور علي مرزوق في كتابه" مفردات العمارة التقليدية في عسير" .
و"المرو" أو "الكوارتز" نوع صلد من الحجر الرملي تكون من حجر عادي برسوب کوارتز متبلور بين حبات الرمل ، وقد يكون الكوارتز أبيض أو ضارباً إلى الصفرة، أو على درجات شتى من الحمرة. واستعمل المرو (الكوارتز) الأبيض في مباني منطقة عسير وخصوصاً في منطقتي الأصدار، وأجزاء من مرتفعات السراة، فتكسر أحجاره لتصبح صغيرة الحجم، ثم تُستخدم في تجميل الواجهات الخارجية للمبانى الحجرية .
أما المهارة الأخرى في تزيين الجدران الخارجية وواجهات المباني القديمة في منطقة عسير فهي استعمال " الجص" أو ما يعرف محلياً بـ" القضاض" وله اسم آخر في تهامة بني شهر وهو " الشيد".
ويعدّ "الجص" أو "القضاض" من أهم مواد البناء التي تحافظ على تماسك المباني القديمة والحفاظ عليها من التهدم والإندثار ، حيث تستخرج من الحجارة الكلسية التي تطحن وتخلط بالماء ثم تستخدم ملاطاً للجدران.
كما يستخدم "الجص" ـ حسب الدكتور مرزوق ـ في تكسية حيطان الغرف الداخلية بعد خلطها بالصمغ ثم ترسم النساء زخارف متنوع عليها .
ويشير علي سالم آل محسن أحد أبناء مركز عبس بمحافظة المجاردة بتهامة عسير الذي رافق "واس" إلى بعض أماكن استخراج " الجص" أو " الشيد" إلى أن مادة " الجص" كانت متوفرة بشكل كبير في الأودية التي تفصل بين القرى قديماً .
وأكد أن هذا الانتشار أسهم في جعل "الجص / الشيد" مادة أساسية وضرورية في عملية البناء حيث كان يُستخرج من بطون الأدوية ومن بين الصخور في مجاري السيول،ومن تلك الأودية التي اشتهرت بتوفر "الجص" وادي "البيضاء" ووادي "المرحَب" و وادي "براد" وادي "وثنه" التابعة لمركز عبس بمحافظة المجاردة.
وعن كيفية استخراج "الجص" ثم التعامل معه حتى تُكسى به جدران المنازل والقصور والحصون ، يشير آل محسن إلى أنه يتم جمع المادة الأولية من الأودية وهي عبارة عن حجارة كلسية غير صلبة ، ثم تطحن هذا الحجارة بطرق بدائية بواسطة خشب يدعى" مدق الجص" ، وبعد الحصول على مادة منه على هيئة بودرة تخلط بالماء فتتحول إلى ما يشبه العجينة ، تٌطلى بها الجدارن وتترك لتجف ويتحول لونها إلى اللون الأبيض الناصع.
ولصلابة المادة الجصية الناتجة ، أسمهت في صمود عدد من المنازل والقصور في مختلف مدن ومحافظات منطقة عسير على الرغم من مرور قرنين وأكثر على بنائها.
وللبناء بـ"الجص" فوائد أخرى من أهمها القدرة على التكيّف مع حرارة الصيف وبرودة الشتاء، حيث أن القصور والمنازل والحصون المبنية بـ" الجص" تتميز بالبرودة النسبية في فصل الصيف والدفء في فصل الشتاء.

المصادر :

واس