غيلان في عودة سدير بمنطقة الرياض أسطورة الجن والكنوز المدفونة

on
  • 2022-11-23 10:20:24
  • 0
  • 676

على مدى 1500 عام ظل قصر غيلان الأسطورة الأكبر في منطقة سدير يطويه الغموض الكبير حيث الكنوز الثمينة والجان وأساطير متنوعة تحيط بهذا القصر خلال شموخه طوال هذه العقود.

وظلت هذه الحكايات أبرز ما يحاك حول هذا القصر وصاحبه غيلان الذي مازال اسمه باقيا تحكيه تلك الاسوار الكبيرة التي تحيط بالقصر والتي يبلغ طولها 6 أمتار ويتجاوز سمكها المتر والنصف، كما أورد ذلك عبدالعزيز الفيصل في كتابه (عودة سدير)، حيث ذكر أن قصر غيلان.. يعد من أقدم الاثار الموجودة في منطقة نجد وفي إقليم سدير على وجه الخصوص، حيث يقترن تاريخ هذا القصر الاثري بعدد من الاحداث الزمنية التاريخية التي حدثت في منطقة سدير.
يقع قصر غيلان في بلدة عودة سدير جنوب مدينة المجمعة بـ 40كم وأسوار قصر غيلان لاتزال شامخة بارزة تشد انتباه سالك طريق الساحبة المتفرع من طريق الرياض ــ سدير ــ القصيم وتوجد أبراج على السور وهي أبراج مبنية من الطين والحجارة وتتميز الاسوار بارتفاعها وعلوها حيث يصل طولها تقريبا إلى عشرة أمتار وتكون فيها الحجارة على شكل مداميك منتظمة مدللة على الفن المعماري والهندسي الذي كان يتمتع به من قاموا ببنائه في ذلك الوقت.

قليب القصر
وفي وسط قصر غيلان من الداخل يقع قليب (بئر) محفورة في الصخر ولكنها اندثرت أغلب ملامحها الان فلم يبق منها سوى الاطلال بسبب إهمال الجهات المعنية في المحافظة عليها. وهذه البئر هي مربط الفرس والسر المدفون فيها ما زال قائما حتى الآن، حيث يعتقد أهل البلدة أنها تحتوي على كنوز كما تحكي الاسطورة القديمة، وأن كل من حاول حفرها وإخراج الكنوز تصدى له الجن ومنعوه من إخراج ما فيها. وآخر من حاول حفرها كما يتداول أهل البلدة من أجدادهم رجل يسمى الحويتمي، حيث يروى عنه: أنه عندما بدأ في حفر البئر ظهر له رجل طاعن بالسن وسأله ثلاثة أسئلة وهي هل أبيض الغراب؟ فقال له لا، فسأله هل عدم الحرمل فقال لا، ثم سأله أخيرا هل طلعت الشمس من مغربها؟ فقال لا، فقال له الرجل العجوز: لا تحفر هذه البئر حتى يحدث ما ذكرت، لأننا نحرسها حتى ظهور هذه العلامات. فخرج هذا الحويتمي مصابا بالفالج، واستمرت إصابته بالفالج إلى أن توفي. ومن الاعتقادات التي تداولها أهل البلدة على مدار السنوات والقرون الطويلة التي لفت قصر غيلان أن الجن أخوال لغيلان وقد أوصاهم بحراستها.
غيلان وابنته
الشيء الشائع عند أهالي عودة سدير أن غيلان صاحب القصر الموجودة في العودة والمعروف (مدينة غيلان) صاحب أسفار لا تنقطع حتى اشتهر عنه أنه يبحث عن نهاية الارض وأطرافها والمثل المشهور (مات غيلان ما لحق لها طرف) يفسر ما يعرفه أهل البلدة عن غيلان ورحلاته التي لا تنتهي، وغيلان صاحب أسفار مستمرة فإنه يحرص على عدم الإنجاب، حتى لا يشتغل بتربية أبنائه وعندما رحل في إحدى رحلاته الطويلة أنجبت زوجته بنتا، وعندما عاد أخفاها أخوالها، خشية أن يقتلها أو يتخلص منها بأية طريقة، وقد نجح أخوالها في إخفائها حتى كبرت، وبينما هي تلعب مع رفيقاتها بجانب بيت أخوالها مر بها غيلان فأعجبته ولفتت نظره فأراد أن يختبرها مع رفيقاتها بجانب بيت أخوالها فرمى بحجر إلى البنات وقال أريد منكن أن تخطن ثوبا من هذا الحجر فأخذت ابنته الحجر وأعادته إليه وقالت: إننا بحاجة إلى خيوط فإذا استخرجت لنا خيوطا من هذا الحجر فنحن على أتم الاستعداد لخياطة ذلك الثوب الذي تطلبه، وعندما سمع غيلان جوابها عرف أنها ابنته وقد تأكد من ذلك فيما بعد، ولما ثبت عنده أن البنت ابنته عزم على التخلص منها فاختار يوما شديد البرد ومر بها وهي تلعب مع رفيقاتها وكانت ترتدي ثيابا خفيفة فأخذها معه وركب ناقته وأردفها خلفه، وكانت ريح الشمال تلسع جسمها ببردها الشديد فاشتكت البنت شدة البرد فسكت غيلان واصل سيره، ولما كان البرد لا يطاق والمطر خفيف يبلل الجسم أعادت البنت غيلان شكواها لوالدها، ولكن غيلان لا يجيب، وقد استمر غيلان في سيره طوال النهار والليل وفي تلك اللحظات أحست ابنة غيلان بتجمد أطرافها فقالت:

قلبك يا غيلان من قاسى الصفا
ولال الحديد ياغيلان يلين

وعندما سمع غيلان قولها رق قلبه وأخذ عباءته وغطاها بها، وفي تلك اللحظات كانت ابنته تسلم الروح لبارئها وتتحول إلى جثة لا يؤثر فيها البرد، وعند ذلك توقف غيلان عن المسير ودفن ابنته.

وفي العصر الحالي كشفت أعمال التنقيب الأثرية في موقع «غيلان الأثري» في محافظة المجمعة (شمال الرياض)، عن عدد من الكسر الفخارية لأواني مزججة وغير مزججة تعود إلى الفترة الإسلامية المبكرة، ما يشير إلى أن الموقع يحتوي على فترة استيطان مبكرة ربما تظهر بكثافة في أجزاء أخرى من محيط القصر.

واشتملت أعمال التنقيب الأثرية في موقع غيلان على منطقتين، ركزت الأولى منها على القصر وظواهره المعمارية، بينما اشتملت المنطقة الثانية التي استهدفها التنقيب في هذا الموسم إزالة الأتربة والرديم من البئر الملحقة بالقصر، حيث تقع البئر في الجهة الشمالية الشرقية من القصر وترتفع عن مستوى سطح الأرض (6 أمتار)، وبعمق قبل الحفر لا يتعدى (1.20 متر)، ولم تُظهر أعمال الحفر دخل البئر التي وصلت إلى 8 أمتار، أي أدوات أثرية أو غيرها باستثناء كمية كبيرة من الحجارة المتساقطة من جدران البئر المختلطة بكسر من الفخار وأحجار سور القصر المتهدم، يُتوقع أنها طمرت البئر في وقت لاحق تفادياً لسقوط المارة بها بعد هجر الموقع. ويعد موقع غيلان ضمن أهم المواقع الأثرية في عودة سدير التابعة لمحافظة المجمعة الواقعة في الجزء الشمالي من منطقة الرياض على بُعد (160 كيلومتراً) على سلسلة جبال طويق، حيث إن قصرها من أهم المعالم الأثرية في غيلان، والذي بقيت منه أجزاء مرتفعة عن سطح الأرض، ويقع القصر على بعد (600 متر) جنوب مركز عودة سدير.
وقامت الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بعمل تهيئة أولية للموقع بتحسين المدخل، وعمل مسار صعود للمشاة من مدخل الموقع إلى الجبل، فضلاً عن عمل صيانة أولية لمبنى استقبال الزوار وغرفة الحراسة، وذلك لأهمية موقع غيلان الأثري وارتياده من العديد من الزوار، وكذلك لجدولته ضمن مسار المنطقة السياحي لزيارة البلدة القديمة في عودة سدير، والفعاليات الثقافية المقامة فيها، وزيارة المواقع الأثرية.

 

المصادر :

جريدة عكاظ // جريدة الشرق الأوسط
الموضوع السابق